للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واختُلِفَ في المُدْرَكِ للمَنعْ: هل هو كونه - صلى الله عليه وسلم - تَصرَّفَ في قضيةِ هندٍ بالقضاءِ فلا يجوزُ لأحَدٍ أنْ يأخذ شيئأ من ذلك إلا بحُكم حاكم؟ وهذه الطائفةُ من العلماء جَعَلَتْ هذه القضيةَ أصلاً في القضاء على الغائب. ومنهم مَنْ جَعَلَها أصلاً في القضاء بالعِلْم، لأنها لم تُقِم بيِّنةً على دعواها، حكاه الخطَّابيُّ وغيرُه (١).

وقيل: القضيَّهُ ليس فيها إلا الفُتيا، لأنَ أبا سفيان كان حاضراً في البلد، والقضاءُ لا يتأتَّى على حاضرٍ في البلدِ قبلَ إعلامه، بل هذا تصرُّفٌ


= ٢٣٥:٧ تعليقاً على قول خليل فيها: "وإن قدَرَ على شيئِه فله أخذُه إن يكن غيرَ عقوبة، وأمِنَ فتنةَ ورذيلة". قال - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: "هذه المسألة تُعرف بمسألة الظَّفَر. والمعنى أن الإِنسانَ إذا كان له حق عند غيره وقدَرَ على أخذِه أو أخذِ ما يُساوي قَدْرَه من مالِ ذلك الغير، فإنه يجوز له أخذُ ذلك منه، وسواءٌ كان ذلك من جنس شيئه، أو من غيرِ جنسِهِ على المشهور، وسواءٌ عَلِمَ غريمُه أو لم يَعلم، ولا يَلزمُه الرفعُ إلى الحاكم.
وجوازُ الأخذ مشروط بشرطين: الأول أن لا يكون حقُّه عقوبة، وإلا فلابُدَّ من رفعه إلى الحاكم. والثاني أن يأمن الفتنة بسبب أخذِ حقه كقتالٍ أو إراقةِ دم، وأن يامن الرذيلة، أي أن يُنسَب إليها كالغصب ونحوه، فإن لم يأمن ذلك فلا يجوزُ له أخذُه. وكلامُ المؤلف يفيد أن المرادَ بشيئِه حَقُّه، وظاهرُه ولو من وديعة، وهو المعتمد. وما مَرَّ للمؤلف في باب الوديعة من قوله: وليس له الأخذُ منها لمن ظَلَمه بمِثلها خلافُ المعتمَد".
وقد توسع الشيخ ابن قَيم الجوزية في كتابه "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" ٧٥:٢ - ٧٩ في (مسألة الظفر)، فحكى فيها مذاهب العلماء ثم ناقشها وراجَحَ بينها، فانظره إذا شئت.
(١) أي حكوا هذا التفريعَ بقسميه. والذي حكاه الخطَّابي في "معالم السنن" ٤: ١٦٢ هو تفريع القضاء على الغائب فقط، ولم يتعرض لتفريع القضاء بعلم القاضي.

<<  <   >  >>