للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال مالك: هذا تصرُّف من النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإِمامة، فلا يجوزُ لأحَدٍ أن يَختصَّ بسَلَب إلَّا بإِذن الإِمام في ذلك قَبْلَ الحرب، كما اتَّفق ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).

وقال الشافعي: هذا تصرُّفٌ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سبيل الفُتيا، فيَستحق القاتلُ السَّلَبَ بغير إذن الإمام، لأنَّ هذا من الأحكام التي تَتْبَعُ


في غزوة حُنَين بعد نهاية القتال. ورواه عنه البخاري في "صحيحه" ٦: ١٧٧ و ٢٩:٨، ٣٣، ومسلم في "صحيحه" ١٢: ٥٩، وأبو داود في "سننه" ٣: ٧٠، والترمذي في "جامعه" ٥٧:٧، ومالك في "الموطأ" ١: ٣٠١، وابن ماجه في "سننه" ٢: ٩٤٦، وأحمد في "المسند" ٥: ٢٩٥ و ٣٠٦، كلاهما بنحو هذا اللفظ، وتمام الحديث عند جميعهم "من قَتَل قتيلاً له عليه بيِّنة فله سَلَبُه".
والسَّلَبُ هو فَرَصُ المحارب المقتول وسَرْجُه ولِجامُه وكل ما عليه من لباس وحِلية ومهاميز، وكلُّ ما مع المقتول من سلاح أو مال في نطاقه أو في يده أو كيفما كان.
وجاء من طريق أخرى عن أنس، عند أبي داود ٣: ٧١، ولفظه: "عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذِ - يعني يومَ حُنَين -: من قَتَل كافراً فله سَلَبُه فقَتَل أبو طلحة يومئذِ عشرين رجلاً، وأخَذَ أسلابَهم. قال أبو داود: هذا حديث حسن".
(١) في قول الإِمام القرافي - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: "قال مالك: هذا تصرُّف من النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإِمامة، فلا يجوزُ لأحَدِ أن يَختص بسَلَبِ إِلا بإِذن الإِمام في ذلك قَبْلَ الحرب، كما اتَفق ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إشكالٌ في قوله: (قبلَ الحرب). وهو أن مذهب الإِمام مالك - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: لا يجوزُ للإِمام التنفيلُ إلَّا بعد الحرب، فهذا القول هنا (قبل الحرب) مشكلٌ ومُعارِضٌ لما تقرر في مذهبه وقد سألت طائفة من كبار العلماء من السادة المالكية عن هذا الإِشكال، وراسلتهم وكاتبوني مشكورين.
فطالت الأجوبة منهم عن هذا الِإشكال، فرأيت إثبات كلامهم وإجاباتهم وما يتصل بها في آخر الكتاب لطولها، فلتنظر هناك في ص ٢٧٠.

<<  <   >  >>