للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

إلى سماحة العلامة المحقق سيدي الفاضل الشيخ عبد الفتاح أبو غدة،

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد، فالجوابُ عن استشكالكم قولَ القرافي في "الإِحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام": (فلا يجوز لأحدٍ أن يَختصَ بسَلَبٍ إِلا بإذن الإِمام في ذلك قَبلَ الحرب، كما اتَّفَقَ ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). بما بينتموه في سؤالكم.

الجوابُ عن ذلك هو أن الإمام مالكاً يقول: إنه لا يَستحق القاتلُ سَلَبَ القتيل إِلَّا بإذن الإمام، وإنه لا يَجُوزُ أن يقول الإمامُ قبلَ الحرب: (من قتَل قتيلاً فله سَلَبُه)، وإنما يجوز بعدَها.

نَعَمْ إن قال ذلك قبلَ الحرب مضَى القولُ المذكور كان لم يَجُز، لأنه بمنزلةِ حُكمٍ بمختَلَفٍ فيه، إذ ثَمَ من أجازه كالإمام أحمد بن حنبل وأبي حنيفة.

وعليه: فلو زاد القرافيُّ (ولَوْ)، بحيث تكون العبارة هكذا: (إِلَّا بإذن الإمام في ذلك ولَوْ قَنلَ الحرب)، لكان حسناً، ويكون قولُه: (كما اتفَق ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) راجعاً إلى ما قبلَ المبالَغَة.

وأحسَنُ من هذا أنْ لو حذَفَ قولَه (قَبْلَ الحرب)، فيكون كلامُه شاملاً لما إذا وقع إذنُ الإمامِ بعدَ الحرب أو قبلَها.

ولكن حيث إنه ذَكَرَ هذا اللفظَ وهو (قَبْلَ الحرب)، بدون زيادةِ (ولو)، فكلامُه ليس غلطاً، وغايةُ الأمر أنه صرَّح بالمُتَوَهَم، وهو إذا كان الإِذنُ قبلَ الحرب، فيكون غيرُهُ - وهو إذا كان الِإذن بعدَ الحرب - أولَى وأحرى.

وعليه فقولُه: (كما اتفق ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) راجعٌ إلى الِإذنِ لا بقيدِ كونه قبلَ الحرب، إذْ إِذنُ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بعدَ الحرب لا قبلَها.

وبيانُ الأخروية المذكورة - أي البعديَّة - هو أنه إذا كان القاتل يختص بسَلَبِ

<<  <   >  >>