للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه، ولكنْ إِثباتُهُ بالشاهدِ واليمينِ أكثرُ العلماءِ على مَنْعه، وهو مشهورُ مذهبِ مالك - رَحِمَهُ اللهُ -. فقد تُصوِّرَ الأمرانِ في المُدرَكِ بمعنى الحُجَّة.

وأما إن أُريد بالمُدرَكِ الدليلُ الذي هو مستند الفتاوى عند المجتهدين:

فقد يكون الحكمُ مختلَفًا فيه والمُدرَكُ متفقًا عليه، ويقَعُ الخلافُ: إِمَّا لأنه دَلَّ عند الخصم على نقيضِ ما دل عليه عند الآخر، وإِمَّا لقوله بمُوجَبِه (١)، وإمَّا لإِعتقادِهِ نَسْخَه، أو أنه معارَضٌ بما لا يراه الآخَرُ مُعارِضًا له.

كما يَحكمُ الحنفيُّ ببطلان وقفِ المنقول (٢)، بناءً على قولِه تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ} (٣). والوقفُ عنده سائبة، مع أنَّ الكتاب العزيز متفَقٌ على كونه حُجَّة.

ويحكمُ الشافعيُّ بصحةِ استمرار نكاحِ المُعَلِّق قبلَ الملك بناء على قوله - صلى الله عليه وسلم - "الطَّلاقُ لمن مَلَكَ السَّاق" (٤). وبفَسْخِ البيع بناءً على خيارِ المجلس مع الإتفاقُ على الحديث فيه، ونظائرهُ كثيرة.


(١) أي بظاهره كما في اختلاف الشافعي والحنفي في متروك التسمية عمدًا.
(٢) بطلانُ وقف المنقول قولٌ في المذهب الحنفي، وليس هو المذهبَ كما يقتضيه إطلاقُ كلام المؤلف هنا، بل المذهبُ جوازُه على تفصيل فيه، يُعلم بمراجعة كتاب الوقف من كتب الحنفية.
(٣) من سورة المائدة، الآية: ١٠٣.
(٤) رواه ابن ماجه في "سننه" ١: ٦٧٣ عن ابن عباس، والدارقطني في "سننه" ص ٤٤٠ عن ابنِ عباس وعصمةِ بنِ مالك - رضي الله عنهما -. ولفظُ ابن ماجه: "قال ابن عباس: أتَى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ فقال: يا رسول الله، إن سَيِّدي زَوَّجني أمَتَه، وهو يُريد أن يُفرِّق بيني وبينها؟ قال: فصَعِدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبَر فقال: يا أيها الناس، ما بالُ أحدِكم يُزَوِّجُ عبدَه أمَتَه، ثم يريدُ أن يُفرِّقَ بينهما؟! إنما الطلاقُ لمن أخَذَ بالسَّاق".=

<<  <   >  >>