للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٢) أن هذا يقتضي أن يكون الإنسان في كل لحظة مثاب على ما لا يحصى من التروك، التي قد لا يعلم بها، وهذا لم يقل به أحد.

* فالصحيح هو ما عليه جمهور العلماء من عدم جواز أن يرد التكليف في النهي بالعدم الأصلي فلا تكليف إلا بفعل، لكن ما هي ماهية هذا الفعل المكلف به في جانب النهي؟ هذا ما أحاول بيانه في المسألة التالية.

[المسألة الثانية: متعلق النهي]

ذهب جمهور الأصوليين من أهل السنة إلى أنه لا تكليف إلا بفعل، لكن هل هذا الفعل المخاطب به في النهي هو كف النفس عن الفعل أم فعل ضد المنهي عنه؟ اختلفوا في ذلك على قولين مشهورين:

[القول الأول: متعلق النهي هو الكف.]

ذهب إلى أن متعلق التكليف في النهي هو كف النفس: الحنابلة ووافقهم بعض الفقهاء فيما نقله عنهم المرداوي (١)، ولابن أمير الحاج (٢) عبارة تفيد أن الترك هو كف النفس عن الفعل (٣).


(١) التحبير شرح التحرير (٣/ ١١٦٣).
(٢) هو: شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن الحسن، المعروف بابن أمير الحاج، الحلبي الحنفي، ولد سنة ٨٢٥ هـ، وكان عالم الحنفية بحلب وصدرهم، لازم ابن الهمام في الفقه والأصول، توفي سنة ٨٧٩ هـ.
[شذرات الذهب (٩/ ٤٩٠)، الضوء اللامع (٩/ ٢١٠)].
(٣) التقرير والتحبير (٢/ ١٩٤).