للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعليه: وإذا لم نعلم حكم هذا الفعل في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - كان هذا الفعل في حقنا مباحًا إذا لم يكن على وجه القربة، مندوبًا إذا كان على وجه القربة.

ووجه ذلك:

أن كل فعل لم يعلم حكمه في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يخلو من أن يكون أحد أمرين:

أن يظهر فيه قصد القربة أو لا يظهر:

فإن ظهر فيه قصد القربة إلى الله تعالى؛ فهو دليل في حقه - صلى الله عليه وسلم - على القدر المشترك بين الواجب والمندوب، وهو ترجيح الفعل على الترك لا غير، وأن الإباحة وهي استواء الفعل والترك في رفع الحرج خارجة عنه، وكذلك في حق أمته، إذ إن القربة غير خارجة عن الواجب والمندوب، والقدر المشترك بينهما إنما هو ترجيح الفعل على الترك، والفعل دليل قاطع عليه.

وأما ما اختص به الواجب من الذم على الترك وما اختص به المندوب من عدم اللوم على الترك؛ فمشكوك فيه، وليس أحدهما أولى من الآخر.

وما لم يظهر فيه قصد القربة:

فهو دليل في حقه على القدر المشترك بين الواجب والمندوب والمباح، وهو رفع الحرج عن الفعل لا غير وكذلك عن أمته، لأن كل فعل لا يكون منهيًّا عنه لا يخرج عن الواجب والمندوب والمباح (١)، والقدر المشترك بين


(١) النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يفعل المحرم ولا المكروه ولو لبيان الجواز، بل فعله - صلى الله عليه وسلم - ينفي الكراهة "وذلك حيث لا معارض له" [الكوكب المنير (٢/ ١٩٢)].