للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكل إنما هو رفع الحرج عن الفعل دون الترك، والفعل دليل قاطع عليه (١).

[حكم المتابعة في الترك على هذا الاتجاه، ومعناها]

إذا كان التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - معناه: "أن تفعل مثل فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الوجه الذي فعل لأجل فعله"، فإن التأسي به - صلى الله عليه وسلم - في الترك على صفة الخصوص هو: "أن تترك مثل ما ترك - صلى الله عليه وسلم - على الوجه الذي ترك لأجل أنه ترك".

ويكون التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في الترك واجبًا أيضًا، وفيما سبق ذكره من قول الرازي تصريح بدخول الترك في المتابعة الواجبة، وقد صرح بوجوب التأسي في الترك ابن السمعاني (٢)، قال: "إذا ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا وجب علينا متابعته فيه" (٣).

[الاتجاه الثاني في تعريف التأسي]

عرف أبو شامة التأسي بأنه:

"عبارة عن فعل يوافق فعل الغير مفعول لأجل فعله، متصف بصفاته


(١) باختصار وتصرف من الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (١/ ٢٣٣).
(٢) هو: منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد التميمي السمعاني المروزي الحنفي ثم الشافعي، إمام في فنون عديدة منها: الفقه وأصوله والحديث والتفسير، ولد سنة ٤٢٦ هـ وتوفي سنة ٤٨٩ هـ.
[سير أعلام النبلاء (١٤/ ١٧٧)، وفيات الأعيان (٣/ ٢١١)، شذرات الذهب (٥/ ٣٩٤)].
(٣) قواطع الأدلة (١/ ٣١١) لأبي المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني (ت/ ٤٨٩ هـ)، تحقيق: محمد حسن إسماعيل الشافعي، ط. الأولى (١٩٩٧ م)، دار الكتب العلمية.