للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوقعوا النسك على ما يوافق في الصورة ما أُوقعه عليه من نية التقرب المطلقة، ولم يضر جهل الصحابة بالتفرقة بين المندوب والواجب حال ملابسة الفعل (١).

هذا حاصل ما ذكره، وهذا الرد لا يتوجه إلا إلى القائلين بأن عدم معرفة وجه وقوع الفعل مانع من حصول التأسي دون القائلين بأن ذلك غير مانع وهم الأغلب.

[الموازنة بين القولين والرأي المختار]

الذي يظهر لي في هذه الدراسة ما يلي:

أولًا: أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - على قسمين:

القسم الأول: ما ورد في حقه بيان قولي، وهذا يعلم حكمه من القول.

القسم الثاني: ما لم يكن فيه بيان قولي: وهذا النوع هو ما يسميه الأصوليون الفعل المجرد وهو دليل على الندب مطلقا، وذلك لأن صنيع الفقهاء جميعًا الاستدلال على الاستحباب بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث لم يرد أمر أو نهي.

وبناء على ذلك فالمختار من أقوال الأصوليين أن أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - من حيث هي بذاتها لا تدل إلا على الاستحباب (٢).

ثانيًا: لا يشترط في التأسي التوقف لمعرفة حكم الفعل في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل مجرد فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - للشيء دليل بمجرده، وبذلك لا يرد اعتراض


(١) المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - (ص ١٠٩ - ١١٣).
(٢) وقد قدمت أن هذه قضية متفق عليها بين طرفي النزاع، وإنما أعدت ذكرها هنا لأني أرى أن الخلط بين هذه القضية وبين حكم الاتباع هو محور ارتكاز القول الثاني.