للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكم شرعي، وإنما المراد عدم ثبوت حكم على وجه الخصوص فتبقى الواقعة على حكم البراءة الأصلية: ارتفع الخلاف وكان هذا المعنى محل اتفاق، هذا ما ظهر لي وقد بحثت كثيرًا عمن صرح بهذا من الأصوليين إلى أن وجدت تصريحًا به للشيخ محمد بخيت المطيعي في حاشيته على نهاية السول للإسنوي (١).

من المقدمات (٢) السابقة يتبين أن:

مذهب الأصوليين هو أن عدم الدليل على الحكم الخاص يلزم منه عدم الحكم الخاص، ويوجب البقاء على البراءة الأصلية واستصحابها حتى يرد من الأدلة ما يقتضي تغيُّرها.

وحيث كان البحث هنا في الترك الذي له دلالة شرعية:

فإنه يسع التقرير أنه:

إذا ترك نقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل فعلًا ما له دلالة شرعية فإن الذي يلزمنا من ذلك هو البقاء على الأصل وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل هذا الفعل حتى يرد ما يثبت أنه فعله، فهو إذن دليل (٣) على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك هذا


(١) نهاية السول (٤/ ٣٩٦).
(٢) أطلت في الاستدلال على هذه المقدمات وذلك لأن كثيرًا ممن يتكلم في البدع اليوم يستدل بأن عدم النقل لا يستلزم نقل العدم وصار هذا الكلام كالدليل الذي لا يحل نقضه وهذا الكلام وإن كان له وجه من الصحة في غير الشرعيات فليس مكانه هنا على ما فصلت.
(٣) لا يشترط في الدليل أن يورث القطع بل يكفي فيه غلبة الظن، وهو مذهب جمهور الأصوليين كما سبق بيانه.