للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفعل فلم يفعله (١).


(١) ولا يزال هنا محل بحث متعلق بهذه المسألة، وهو: هل يكفي النقل العام أم لابد من النقل الخاص؟ وصورة هذه المسألة: أنه إذا قيل إن عدم النقل دليل على نقل العدم، فإن ذلك يقتضي أن ما لم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله دليل على أنه لم يفعل، فهذا الذي لم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله هل يشترط أن يكون ذلك النقل خاصًا بذلك الفعل، أم يكفي نقل صحابي لفعل نقلًا على سبيل العموم، وتندرج صورة ذلك الفعل على سبيل الخصوص تحته وتكون أحد أفراد ذلك العموم؟
لم أر من تعرض لبحث تلك المسألة بعينها، وإن كان الكلام فيها مبنيًا على مسألة ذكرها الأصوليون وهي: "أن ما يشترط أن يرد الدليل الخاص به إذا لم يرد هل يُصار إلى البراءة الأصلية أم إلى اللفظ العام"، وهي مشهورة عند الأصوليين بتقديم دلالة العام على البراءة الأصلية، فاللفظ العام وإن كانت دلالته على العام ظنية إلا أنها كافية في النقل عن البراءة الأصلية، وهذا مذهب جمهور الأصوليين، ولذا فالذي يظهر لي هنا أن النقل العام كاف في اندراج الصورة محل النزاع تحته، ويكون ذلك النقل العام مخرجًا لها عن البقاء على البراءة الأصلية، وعليه فلا يشترط الدليل الخاص لتلك الصورة ما دامت مندرجة تحت ذلك الأصل العام، والمثال الذي يصح بناؤه على تلك الصورة هو اختلاف الفقهاء في وضع اليد على الصدر عقب الركوع أهو السنة أم الإرسال هو السنة؟
ذهب القائلون بأن الإرسال هو السنة بأن عدم نقل الصحابة لموضع اليدين بعد الركوع - نقلاً خاصًّا - يوجب الرجوع إلى البراءة الأصلية، لأن هذا الفعل لا يقع إلا عبادة فتحتاج إلى الدليل المثبت، وحيث لا دليل هنا فيجب الرجوع إلى الأصل وهو الإرسال، والذي يظهر للباحث هنا: أنه وإن لم يَرد دليل خاص بوضع اليد على الصدر بعد الركوع إلا أن هذا الفعل قد ثبت من خلال اللفظ العام، وعليه فيقال هنا: إن وضع اليد على الصدر لم يرد به دليل خاص فأيهما أولى: البقاء على البراءة الأصلية أم البقاء على دلالة اللفظ العام المغير للبراءة الأصلية؟ مقتضي ما ذهب إليه الأصوليون هو البقاء على دلالة اللفظ العام المغير للبراءة الأصلية، فوضع اليد على الصدر بعد الركوع كافٍ في إثباته الدليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان =