للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال النووي: "قال العلماء في الجمع بين هذه الأحاديث: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يداوم على صلاة الضحى مخافة أن يفرض على الأمة فيعجزوا عنها، كما ثبت في هذا الحديث، وكان يفعلها في بعض الأوقات كما صرحت به عائشة، وكما ذكرته أم هانئ وأوصى بها أبا الدرداء وأبا هريرة" (١).

ومن ذلك أيضًا: ترك صلاة القيام جماعة في رمضان، فقد ورد من حديث عائشة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج ذات ليلة في جوف الليل فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمعوا أكثر منهم، فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد في الليلة الثالثة، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال: "أما بعد، فإنه لم يخف علي مكانكم، ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها" (٢)، وفي رواية: "وكان ذلك في رمضان" (٣).

وقد جاء الخوف من المشقة على الأمة أيضًا مصرحًا به فيما ورد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا الإيمان بي وتصديق برسلي أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو


(١) المجموع (٣/ ٥٣٠).
(٢) رواه البخاري (٢/ ٤٦٩ / ٩٢٤) كتاب الجمعة، باب من قال في الخطبة بعد الثناء: "أما بعد".
(٣) رواه مسلم (١/ ٥٢٤ / ٧٦١) كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح.