للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يلزم من قولهم التناقض إذ إنهم لا يجوزون صلاة الجنازة على القبر إن طالت المدة (١).

[* الترجيح]

الذي يظهر لي أن الأصل هو عدم الصلاة على الشهيد، لكن لو صُلي عليه لفضله أو مكانته أو غير ذلك من الأسباب التي تقتضي تخصيصه جاز ذلك.

وذلك لما ورد في حديث جابر - رضي الله عنه - من ترك الصلاة على شهداء أُحد، وما ورد من أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى على الأعرابي كما في حديث شداد بن الهاد - رضي الله عنه -.

إذ إن دعوى الخصوصية تحتاج لدليل، وكذلك "الصلاة" تحمل على المعنى الشرعي المعروف منها إلا أن يرد الدليل بخلاف ذلك (٢).

والجمع أولى من الترجيح، والجمع بين حديث جابر - رضي الله عنه - وحديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - يقضي بأن حديث جابر - رضي الله عنه - يدل على أن الأصل في الشهيد عدم الصلاة عليه؛ لأن الأصل الصلاة على كل ميت، فترك النبي - صلى الله عليه وسلم - للصلاة على الشهيد يقضي بألا يصلى عليه، وهو ما قال به القائلون بالتحريم، لولا حديث عقبة - رضي الله عنه - الذي يدل على جواز الصلاة عليه، فكأنه كالقرينة التي صرفت حديث جابر - رضي الله عنه - عن المنع، ولم يقل أحد ممن قال بالجواز


(١) الأم (٢/ ٥٩٣).
(٢) نيل الأوطار (٢/ ٧١٢).