للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الخصوصية في حكم الترك دون صورته: فمثاله وجوب الترفع عن قبول صدقات الناس، فإن هذا الترك مندوب إليه في الجملة في حق آحاد هذه الأمة، واختص النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجوب ذلك عليه (١).

وعليه فإن قياس قول الأصوليين فيما أختص به النبي - صلى الله عليه وسلم - في التروك أنه لا يدخله تأسٍّ.

ومما يدخل تحت ما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - تركًا خاصًا به: الترك الذي لمجرد الطبع، فإن الأصل في الترك أنه يقتضي حكمًا في حقنا، إلا إذا بين النبي - صلى الله عليه وسلم - خلاف ذلك، وهذا متحقق في الترك لمجرد الطبع، فلا يحمل ترك على أنه لمجرد الطبع إلا بنص صريح، أو إجماع، وقد دل حديث الضب على أن الترك الذي هذا شأنه ليس فيه تأسٍّ، ولا تشرع فيه متابعة.

وقد ذكر الأصوليون أن الفعل لمجرد الطبع ليس فيه متابعة (٢)، فقياس


(١) اتفق أهل العلم على حرمة صدقة الفريضة على النبي - صلى الله عليه وسلم - لمنصبه الشريف واختلفوا في صدقة التطوع والراجح هو تحريم الكل وهو قول المالكية والأظهر عند الشافعية والصحيح عند الحنابلة، ودليله ما رواه البخاري (٥/ ٢٤٠ / ٢٥٧٦)، ومسلم (٢/ ٧٥٦، ١٠٧٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي كان إذا أُتي بطعام سأل عنه: أهدية أم صدقة؟ فإن قيل: صدقة، قال لأصحابه: "كلوا" ولم يأكل، وإن قيل: هدية، ضرب بيده فأكل معهم.
انظر المغني: (٤/ ١١٥)، سبل السلام (٢/ ٣٧٦) فتح الباري (٥/ ٤١٥)، شرح النووي لصحيح مسلم (٤/ ١٧٤)، التمهيد لابن عبد البر (١١/ ١٨٥).
(٢) هذا هو المشهور في كتب الأصول، وقد ذكر الزركشي في البحر المحيط (٤/ ١٧٧) أن المشهور في كتب الأصول أن هذا النوع يدل على الإباحة، وقد صرح أبو شامة بنسبة عدم المتابعة فى هذا النوع إلى الأصوليين ثم قال إنه لا يظن أن مثل ذلك مجمع عليه ثم حكى عن =