للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول المختار من ذلك:

إعمال ما قرره الأصوليون من أن الجمع مقدم على الترجيح يقضي بأن أولى هذه الأقوال بالترجيح هو الاستحباب، وهو ما ذهب إليه الخطابي.

ولكن:

لم أجد أحدًا - في حدود بحثي - غير الإمام الخطابي - سواء من الصحابة أو غيرهم - قال بهذا القول، والصحابة - رضي الله عنه - لا سيما الخلفاء الراشدون - وهم أعلم الخلق بأحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - هم الذين رُوي عنهم ترك الوضوء، فعن سليم بن عامر قال: رأيت أبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - أكلوا مما مست النار ولم يتوضؤوا، ورأيت عمار بن ياسر يشرب من لبن نعجة فمضمض، ثم قام إلى الصلاة، وسمعت عمار بن ياسر - رضي الله عنه - يقول: جف القلم بما هو كائن (١).

وهم كذلك الذين رووا أن آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار كما مر في حديث جابر - رضي الله عنه -.

وعلى ذلك فالقول الراجح هو قول من قال بأن أحاديث الترك ناسخة


= الفقيه، ولد سنة بضع عشرة وثلاثمائة، توفي سنة ٣٨٨ هـ، وله العديد من المصنفات مثل "شرح الأسماء الحسنى"، "الغنية عن الكلام وأهله"، "معالم السنن في شرح أبي داود"، "غريب الحديث"، "العزلة".
[سير أعلام النبلاء (١٣/ ٣)، شذرات الذهب (٤/ ٤٧١)، تذكرة الحفاظ (٣/ ١٠١٨ / ٩٥٠)].
(١) رواه الطبراني في مسند الشاميين (٣/ ٢٨١ / ٢٢٦٢)، وقال ابن حجر في الفتح (١/ ٣٧٢): إسناده حسن.