للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويدل على ما ذهب إليه الجمهور أن هذا هو الموافق لفهم الصحابة رضوان الله عليهم، فقد ورد أن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: "رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا" (١).

[المطلب الثالث: مراتب الإقرار]

[المرتبة الأولى: أن يفعل الفعل في حضرته - صلى الله عليه وسلم - أو في غيبته وينقل إلينا علم النبي - صلى الله عليه وسلم - به]

ما فعل في حضرته - صلى الله عليه وسلم - اتفق الأصوليون على أنه صورة الإقرار، والأصل فيه، والسبب في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقر أحدًا على منكر، فمجرد علم النبي - صلى الله عليه وسلم - به وسكوته كافٍ في الحجية، وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - اختص بكونه لا يسقط عنه الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر بحال من الأحوال، فلا يوجد عجز في حقه - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧] وإلى عدم اشتراط القدرة على الإنكار في حقه - صلى الله عليه وسلم - ذهب الزركشي (٢) والمرداوي (٣)


= (٧/ ١٤٩) كتاب البيعة، باب بيعة النساء (عنوان غير مصدر بباب)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٢/ ٦٣ / ٥٢٩).
(١) رواه البخاري (٩/ ١٩ / ٥٠٧٤) كتاب النكاح، باب ما يكره من التبتل والخصاء، مسلم (٢/ ١٠٢٠ / ١٤٠٢) كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنه.
(٢) البحر المحيط (٤/ ٢٠٣).
(٣) التحبير شرح التحرير (٣/ ١٤٩٢).