للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما فعله ذلك الرجل كان مأذونًا له فيه، فلما دعا بدعاءٍ أقره النبي - صلى الله عليه وسلم - وبيّن فضله كان إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكره لفضل الدعاء دليل على استحباب هذا الدعاء وتخصيصه بذلك الموطن.

وينبغي أن يتنبه هنا إلى ما هو موطن التعبد.

التعبد هنا يكون بعدة أمور:

الأول: الدعاء نفسه.

الثاني: تخصيص الدعاء بموضع بعينه.


= قلت: الحافظ إنما نقل جواز إحداث ذكرٍ غيرِ مأثور في الصلاة، وهذا الكلام منه لا يعني أنه يُجوِّز القول بتخصيص دعاءٍ لم يرد وادعاء أن له فضل ثابت، بل يعني جواز الدعاء في الصلاة بما شاء من الدعاء دون أن يتقيد بالمنصوص.
أما أدلة القول الأول: فعمدتهم حديث: "لا يصلح فيها شيء من كلام الناس"، قالوا: الدعاء بغير المأثور من كلام الناس، وممن بالغ في الإنكار على هذا القول الشوكاني في السيل الجرار (١/ ٢٣٨) فقد قال: (والمراد بقوله: "لا يصلح فيها شيء من كلام الناس" أي من تكليمهم ومخاطبتهم، هذا هو المعنى العربي الذي لا يشك فيه عارف، وليس المراد ما زعمه المانعون للدعاء في الصلاة من أن المراد لا يصلح فيها شيء مما هو من كلام الناس الذي ليس من كلام الله عز وجل، فإن هذا خلاف ما هو المراد وخلاف ما دلت عليه أسباب هذه الأحاديث الواردة في منع الكلام، وخلاف ما ثبت في الصلاة من ألفاظ التشهد ونحوها وخلاف ما تواتر تواترًا لا يشك فيه من لديه أدنى علم بالسنة من الأحاديث المصرحة بمشروعية الدعاء في الصلاة بألفاظ ثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبألفاظ دالة على مشروعية مطلق الدعاء كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وليتخير من الدعاء أعجبه إليه"، وبالجملة فالمنع من الدعاء في الصلاة لا يصدر إلا ممن لا يعرف السنة النبوية، ولا يدري بما اشتملت عليه كتبها المعمول بها والمرجوع إليها في جميع الأقطار الإسلامية وفي كل عصر وعند أهل كل مذهب) اهـ.