للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدليل الثاني:

* ما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال عند صلاة الفجر: "يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة"، قال: "ما عملت عملًا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورًا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي" (١).


(١) رواه البخاري (٣/ ٤١ / ١١٤٩)، ومسلم (٤/ ١٩١٠ / ٢٤٥٨) قال أبو عبد الله: "دف نعليك" يعني: تحريك، قال ابن حجر في الفتح (٣/ ٤٢): "قال ابن التين: إنما اعتقد بلال ذلك لأنه علم من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الصلاة أفضل الأعمال، وأن عمل السر أفضل من عمل الجهر، وبهذا التقرير يندفع إيراد من أورد عليه غير ما ذكر من الأعمال الصالحة، والذي يظهر أن المراد بالأعمال التي سأله عن أرجاها الأعمال المتطوع بها، وإلا فالمفروضة أفضل قطعًا، ((ويستفاد منه جواز الاجتهاد في توقيت العبادة))، لأن بلالا توصل إلى ما ذكرنا بالاستنباط فصوبه النبي - صلى الله عليه وسلم - " اهـ.
قلت: لم يستدل أحد من أهل العلم - ممن اطلعت على كلامهم - بهذا الحديث على جواز إحداث عبادة جديدة إلا ما كان من كلام ابن حجر، وهذا الكلام منه ليس فيه ما يدل على جواز إحداث عبادة، وإنما فيه جواز الاجتهاد في توقيت عبادة، وهذا قد يجوز عند عدم اعتقاد أفضلية بهذا التوقيت، بل الذي يظهر من كلام شراح الحديث أن بلالًا فعل عبادة هي من أفضل التطوع وهي الصلاة وفعلها في السر.
وقد قال أبو شامة في الباعث على إنكار البدع والحوادث (١٦٥): "ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع، بل تكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان، ليس لبعضها على بعض فضل إلا ما فضَّله الشرع، وخصَّه بنوع العبادة، فإن كان ذلك اختص بتلك الفضيلة تلك العبادة دون غيرها، كصوم يوم عرفة، وعاشوراء، والصلاة في جوف الليل، والعمرة في رمضان، ومن الأزمان ما جعله الشرع فضلًا فيه جميع أعمال البر، =