للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو معتبر عند جميع الأئمة، فمن ذلك قول ابن دقيق العيد (١): "الذي لا شك فيه أن لمالك ترجيحًا على غيره من الفقهاء في هذا النوع، ويليه أحمد بن حنبل، ولا يكاد يخلو غيرهما عن اعتباره في الجملة، ولكن لهذين ترجيح في الاستعمال على غيرهما" (٢)، وكذلك القرافي أيضًا: فقد قال: "يحكى أن المصلحة المرسلة من خصائص مذهب مالك، وليس كذلك، بل المذاهب كلها مشتركة فيها، فإنهم يعلقون ويفرقون في صور النقوض وغيرها، ولا يطالبون أنفسهم بأصل يشهد لهذا الفارق بالاعتبار، بل يعتمدون على مجرد المناسبة، وهذا هو عين المصلحة المرسلة" (٣).

ثم يقول عن الجويني أنه ضمَّن كتابه الغياثي أمورًا من المصالح المرسلة التي لم نجد لها أصلًا يشهد بخصوصها بل بجنسها، وهذا هو المصلحة المرسلة، فمن ذلك: أنه قال - أي الجويني -: "إذا ضاق بيت المال يجوز أن يجعل على الزرع والثمار مال دار مستقر، يجبى على الدوام، يستعين به الإمام على حماية الإسلام من غير أن يتوسع فيه". قال القرافي: "وهذا ليس له أصل في الشرع، بل النصوص دالة على نفيه، كقوله - عليه السلام -: "لا يحل مال


(١) هو: محمد بن علي بن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة القشيري، أبو الفتح تقي الدين، الفقيه، الأصولي، المحدث، له تصانيف عديدة نافعة منها: "الإمام شرح الإلمام"، و "شرح عمدة الأحكام"، توفي سنة ٧٠٢ هـ.
[طبقات الشافعية للسبكي (٩/ ٢٠٧)، شذرات الذهب (٨/ ١١)، الدرر الكامنة (٤/ ٩١ / ٢٥٦)].
(٢) نقله الزركشي في البحر المحيط (٦/ ٧٧).
(٣) نفائس الأصول (٩/ ٤٢٧٩).