للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - أن العبادة لابد في إثباتها من الدليل؛ لأنها لا تكون إلا بتوقيف.

٣ - عدم النقل هنا دليل على أن ذلك الفعل لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعدم فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له كاف في المنع منه.

[الثاني: أن يكون في جانب المعاملات]

البحث هنا في المعاملات التي لها تعلق بالشرع، والتي ينبني أمرها على المصلحة، ولذا كان الأصل في الأشياء الإباحة، وأحكام الشريعة إنما جاءت على وفق مصالح العباد، فما هو القول في المعاملات التي تحقق مصلحة، وكانت تلك المصلحة متحققة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن كانت داعية لتحصيل ذلك الفعل، ولم يقم مانع يمنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقوم بذلك الفعل: هل تلك المعاملات مباحة عملًا بالبقاء على الأصل، أم هي محرمة، ويُمنع منها؟ ويكون عدم فعل تلك المعاملة - مع قيام دواعيها - دليلًا على أن تلك المصلحة ليست بمصلحة على وجه الحقيقة، وإنما هي مصلحة متوهمة؟

لكلٍّ من القولين حظ من النظر، والذي يميل إليه الباحث هنا أن الترك في هذا الموضع دليل على أن تلك المصلحة مصلحة متوهمة، إذ لو كانت مصلحة على وجه الحقيقة لأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بما تقتضيه تلك المصلحة.

[ويؤيد هذا أمور]

١ - أن الكل متفق (١) على أن الشريعة إنما جاءت لتحقيق مصالح العباد


(١) انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية (ص ٢٤٦، ٢٧٣، ٢٧٥)، للشيخ محمد الطاهر بن عاشور، تحقيق: محمد الطاهر الميساوي، دار النفائس، ط. الثانية (١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م)، تعليل الأحكام (ص ٩٦)، (ص ١١٠).