للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثاني: المراد بالترك عند الأصوليين (١)

[المطلب الأول: تعريف الترك عند الأصوليين]

لم يتفق الأصوليون على تعريفٍ واحدٍ للترك بل اختلف معناه باختلاف استعمالهم له، ويمكن القول بأن لهم في تحديد المراد من الترك اتجاهين مشهورين (٢)، وفيما يلي بيان هذين الاتجاهين:

[الاتجاه الأول: الترك: هو عدم فعل المقدور]

سواء كان كفًّا أو استمرارًا للعدم الأصلي، فكلاهما يطلق عليه ترك، فلا يشترط في الترك هنا القصد، ولا يشترط التعرض للضد، بل هو مجرد عدم الفعل على أي وجه كان ما دام الفعل مقدورًا.

ونظرًا لما اشتهر من أن الأصوليين يشترطون القصد في الترك فقد آثرت أن أذكر من أقوال العلماء ما يدل على أن الترك يشمل الكف وغيره، فمن ذلك:


(١) ذكر الدكتور صالح الزنكي أن الترك لا تكاد تجد له تعريفًا عند الأصوليين ولذا فقد عرفه بأنه: الكف عن فعل أو قول أو تقرير أو إنكار على سبيل الاختيار [رؤية أصولية لتروك النبي - صلى الله عليه وسلم - (ص ٣٩١) للدكتور صالح قادر كريم الزنكي، بحث نشر بمجلة الحكمة العدد الثاني والعشرين محرم ١٤٢٢ هـ، بريطانيا - ليدز].
(٢) التعبير بأن لعلماء الأصول اتجاهين أولى من القول بأن هناك خلافًا بين الأصوليين في تعريف الترك، وذلك لأن الملاحظ أن المعنى يختلف بحسب المراد تقريره كما سيأتي في مسألة لا تكليف إلا بفعل.