للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دون جلاله وسلطانه حقير، وأنه جل وتقدس عن شبه المخلوقين والفانين، ولِيَشْغَلَ المصلي خاطره بمقتضى هذه اللفظة ويستحقرَ أن يَذكر معه غيره، أو يحدث نفسه بسواه جل اسمه، وأن من انتصب لعبادته ومثُل (١) بين يديه أكبر من كل شيء يشتغل به أو يعرض بذكره (٢) عما هو قد تفرغ له من طاعته.

ومعنى رفع اليدين عند التحريم؛ قيل فيه معنى هذا، وهو نفضهما من كل شيء من أمور الدنيا وطرحه وراء ظهر المصلي ودبر أذنه.

وقيل: بل هو عَلَم للتكبير ليَرَى ذلك مَنْ بَعُدَ فيَعلمَ تكبيرَ الإِمام وإن لم يسمعه؛ إذ سائر أفعال الصلاة اقتداءٌ بحركات لا تخفى على من بعد ومن قرب.

وقيل: بل ذلك من تمام القيام.

وقيل: بل لاستشعار عظيم ما دخل فيه واستهواله؛ إذ كل من استعظم أمراً تلقاه بيديه بتلك الهيئة.

وقيل: بل علامة للتذلل والاستسلام.

وهذه الوجوه على مذهب من رأى كونهما منتصبتين. وفي انتصاب الأصابع معهما أو حنوّهما قليلا خلاف بين من اختار إقامتهما.

وقيل: بل ذلك إشارة إلى الخضوع والرهَب، وهذا على مذهب من رأى بسطهما وظهورُهُما إلى السماء، وهو الرهب.

وقيل: بل إظهار للفاقة والسؤال وطلب الرحمة، وهذه عادة من بسطهما وبطونهما (٣) إلى السماء قبل إرسالهما، فإذا أرسلهما مع التكبير


(١) في غير خ: وتمثل.
(٢) في ق: لذكره.
(٣) في س: وظهورهما.