للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال القاضي: وهذا مثل ركعة الوتر أن من سنتها أن يكون قبلها نافلة على حقيقة مذهبنا ومشهوره، لا أن يصلي من أجله، وقد بيناه في الصلاة.

ومفهوم المذهب أن الحج ليس على الفور، وهو دليل أكثر مسائل الأصول (١) من "المدونة" و"العتبية" و"المجموعة" (٢) و"كتاب ابن عبد الحكم" (٣) وغيرها. وحكى البغداديون (٤) عن مالك أنه عنده على الفور.

والصواب الأول كما قدمناه، وهو الذي عليه غيرهم من شيوخ المذهب عنه ويعتقده فيه؛ فقد نص على المعتدة أنها لا تخرج للحج أيام عدتها، ولو كان على الفور لخرجت. وقال: لا يحج دون أبويه (٥) فإن منعاه فلا يعجل (٦) عليهما في حجة الفريضة، وليستأذنهما العام بعد العام (٧)، وهذا مثله. وقال أيضاً: ليخرج في الفريضة ويدعهما، فهذا على الفور (٨). وقال في الذي حلف على زوجته ألا تخرج إلى الحج وهي صرورة: إنه يؤخر (٩) سنة (١٠). ولم يروا تجريح من ترك الحج مع الاستطاعة وطَرْحَ شهادته (١١)، وكل هذا يقتضي أنه على التراخي (١٢).


(١) أصل هذه القولة لابن محرز كما في الجواهر: ١/ ٣٧٧، وانظر المعيار: ١/ ٤٣٦.
(٢) انظر مثالاً يدل على هذا في النوادر: ٢/ ٣٢١.
(٣) انظر المقدمات: ١/ ٣٨١ - ٣٨٢.
(٤) كابن القصار كما في المقدمات: ١/ ٣٨١ والجلاب في التفريع: ١/ ٣١٥.
(٥) في ق وس: إذن أبويه.
(٦) في ق ول: معناه لا يعجل.
(٧) نقله عن ابن نافع في المجموعة المقدمات: ١/ ٣٨٢ والنوادر: ٢/ ٣٢١ وانظر المعيار: ١/ ٤٣٧.
(٨) ذكره ابن رشد عن كتاب محمد في المقدمات: ١/ ٣٨٢.
(٩) في ق: أنها توخر وفي ع: توخر.
(١٠) ذكرها ابن رشد عن أشهب عن مالك في المقدمات: ١/ ٣٨١ وعن كتاب ابن عبد الحكم.
(١١) عزاه ابن رشد لسحنون في نوازله في باب الشهادات كما في المقدمات: ١/ ٣٨٢ ونقل عنه العتبي عكس هذا كما في النوادر: ٢/ ٣٢٠.
(١٢) المسألة خلافية في الترجيح والتشهر، انظر التوضيح: ١/ ٢١٤، ويعترض على ترجيح المؤلف بأنه أخذ من مسائل جزئية بينما نقل العراقيون الفورية رواية عن مالك.