للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن دراسة هذه الأسانيد هنا قد يكون تكراراً لما سيأتي في النص المحقق، فأرى اقتضاب شهادات تقدر روايات هؤلاء الأعلام وضبطهم لكتبهم. وناهيك بابن وضاح المحدِّث الناقد الذي عليه معول أهل الأندلس في الحديث، وعليه عول المؤلف أيضاً فيما طرح سحنون وأثبت في "المدونة". ومما يدلّ على أهمية نسخته ما ذكر ابن الفرضي في ترجمة وهب بن مسرة أنه: "استقدم إلى قرطبة وأخرجت إليه أصول ابن وضاح التي سمع فيها (١)، وقرئ عليه "المدونة" ... " (٢). وقد عورضت نسخة ابن عتاب - شيخ القاضي عياض - على هذا الأصل كما صرح به المؤلف في "التنبيهات".

أما إبراهيم بن باز فيشهد له تلميذه أحمد بن خالد بقوله: "كان من أهل التحفظ بكتبه والضبط والتحري فيها، يرُد الواو فيها والألف، ولولاه ما صحت لنا كتب الرأي، ولم يضبط أحد الرأي ضبطه، وكان ابن وضاح أضبط للحديث، وأبو إسحاق (يعني: ابن باز) للرأي، وليست تصح رواية يحيى بن يحيى في "الموطأ" إلا من رواية إبراهيم بن محمَّد، فإنه تحرى كتاب يحيى بن يحيى حرفاً حرفاً ... وكان من أحفظ الناس "للمدونة" وأضبطهم لها" (٣).

وإذا اجتمعت روايات ابن وضاح وابن باز وابن هلال لتلميذهم أحمد بن خالد بن الجباب المحدِّث الفقيه الضابط المتقن (٤)، تيقنا مدى الثقة بهذه الروايات وسلامتها.


(١) لعله يعني: سمع فيها وهب بن مسرة من ابن وضاح، وهو من رواة "المدونة" عنه المعروف روايته، وذكرها المؤلف في السفر الثاني.
(٢) ذكر هذا ابن الفرضي في التاريخ: ٢/ ٨٧٨.
(٣) ذكر هذا في طبقات المالكية: ٩٦ - ٩٧ نقلا عن أبي عبد الملك بن عبد البر في "تاريخ الخلفاء والفقهاء".
(٤) المدارك: ٥/ ١٧٥، وتاريخ ابن الفرضي ١/ ٧٦، وأخبار الفقهاء والمحدثين: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>