للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرتنيل القرطبي (١)، وأكثرهم رواه عنه بعد أن بدأ ينظر فيه نظراً آخر بالتهذيب والتبويب، وإضافة خلاف العلماء وآراء أصحاب مالك، وتذييل أبوابه بالأحاديث والآثار (٢). غير أنه لم يتم مراجعة "المدونة" على هذا النهج كما قال القاضي عياض، بل "بقيت منها بقية لم ينظر فيها ذلك النظر إلى أن توفي، فبقيت على أصلها من تأليف أسد، فسميت: بالمختلطة لاختلاط مسائلها، وليفرق ما بينها وبين ما دون منها، وهي كتب معلومة" (٣).

إذا كانت هذه المشاكل تعود إلى ظروف تأليف الكتاب قبل تدوينه من قبل سحنون، فإن الراوي والقارئ له بعد هذا يصطدم بعقبات أخرى غامضة بحاجة إلى بيان.

أولاها: تدخل الإمام سحنون في نص "المدونة" وتصرفه فيه بأنواع من التصرف - مخالفاً قوانين الرواية وضوابطها في الاحتفاظ بأصل المروي - حتى يكاد يقال - بل قد قيل -: إن سحنون أحد مؤلفي الكتاب! وذلك بارز في هيكلة الكتاب وفي إعادة ترتيب مادته، وإضافة كثير من الأحاديث والآثار والآراء، وإسقاط مسائل وحروف، والإحالة على مواضيع أخرى من الكتاب. ثم هو مستمر في هذا الإصلاح كلما بدا له ذلك. وهذا ما يفهم من بعض الإشارات مثل ما ورد في ترجمة أحمد بن سليم القروي نزيل بجانة المتوفى ٢٩٠ هـ: أنه قرأ على سحنون العرضتين جميعاً (٤)، وقول المؤلف في "التنبيهات": ذكروا أن سحنون كان يقرأها أحياناً، وأحياناً يتركها. وقوله أيضاً عن ابن وضاح: قرأه لنا سحنون في بعض العرضات، وطرحه في أخرى.


(١) المدارك: ٤/ ٢٤٠، والديباج: ٢٢٨.
(٢) المدارك: ٣/ ٢٩٩.
(٣) مقدمة التنبيهات.
(٤) أخبار الفقهاء: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>