للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ركعتين، فزيد في صلاة الحضر، وأقرت صلاة السفر"؛ فكيف يُظَن أنها تزيد على ما فرض الله وتُخالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه؟! " (١).

١٩٢ - قال الْمصَنِّف (٢):

"فالحاصل: أن الواجب الرجوع إلى ما يصدق عليه اسم السفر شرعًا أو لغة أو عرفًا لأهل الشرع، فما كان ضربًا في الأرض يصدق عليه أنه سفر، وجب فيه القصر".

قال الفقير إلى عفو ربه: قال شيخ الإسلام: "وتحديد السفر بالمسافة لا أصل له؛ في شرع، ولا لغة، ولا عُرف، ولا عقل، ولا يعرف عموم الناس مساحة الأرض، فلا يجعل ما يحتاج إليه عموم المسلمين معلقًا بشيء لا يعرفونه، والاعتبار بما هو سفر، فمن سافر ما يسمى سفرًا قصر وإلا فلا، وأدنى ما يُسمى سفرًا في كلام الشارع البريد، وكان يأتي قباء راكبًا وفي رواية أخرى ماشيًا، ويأتي إليه أصحابه، ولم يقصر هو ولا هم، ويأتون إلى الجمعة من نحو ميل وفرسخ، والنداء يسمع من نحو فرسخ، واختار جواز القصر للحشاش والحطاب، ونحوهما فيما يطلق عليه اسم السفر" (٣).

وقال أيضًا: "الّذين جعلوا المسافة الواحدة حدًّا يشترك فيه جميع الناس؛ مخالفون كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالرجل يخرج من القرية إلى صحراء الحطب؛ يأتي به فيغيب اليومين والثلاثة، فيكون مسافرًا، وإن كانت المسافة أقل من ميل، بخلاف من يذهب ويرجع من يومه؛ فإنه لا يكون في ذلك مسافرًا؛ فإن الأول يأخذ الزاد والمزاد بخلاف الثاني، فالمسافة قريبة في المدة الطويلة تكون سفرًا، والمسافة البعيدة في المدة القليلة لا تكون سفرًا، فالسفر يكون بالعمل الذي يسمى سفرًا لأجله، والعمل لا يكون إلا في


(١) "زاد المعاد" (١/ ٤٥٣).
(٢) (١/ ٤٠٢).
(٣) "الإحكام شرح أصول الأحكام" للعلامة عبد الرحمن بن قاسم (١/ ٤٠٩).

<<  <   >  >>