للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١ - قال الْمصَنِّف (١):

"وهذا فيه مخالَفة لِما وقع في هذه الأَحاديث الصحيحة من التَّفرقة بين الغلام والجارية".

قال الفقير إلى عفو ربه: وسبب هذه المُخالَفةِ؛ عدمُ النظرِ إلى النّصوصِ الواردة في هذه الْمسأَلة، وَمِنْ ثَمَّ جَمْعُها؛ لِيَتَبَيَّنَ فِقْهُها.

وهذِه إحدَى المآخِذِ الكَبيرَةِ على بعضِ الفُقهاءِ؛ الَّذين يأْخُذون الفِقْهَ مِن نصّ واحد ويدَعُون باقِيها؛ فإن الفقه الْمُحَقَّقَ هو قدرَةُ العالِم على التَّوفِيق بين الأَدلَّة؛ كما قال -تعالى- بعد أَنْ ذَمّ أَهلَ الكتابِ بأَخذِهِمْ بعضَ العِلمِ، وَتركِهِم بعضَهُ-: {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (٧٨)} (٢).

١٢ - قال الْمُصَنِّف (٣):

"وليتَ أَنّ المَشْغُوفِينَ بِمَحَبة مذاهب الأَسلافِ جَعَلُوهُ كَأَسلافِهم، فسلكوا فيما بين كلامِهِ وكلامهم طريقةَ الَإنصاف؛ ولكنَّهم في كثير من المواطن يجعلون الحظ لأَسلافهم، فيردُّون كلامه - صلى الله عليه وسلم - إلى كلامِهم، فإن وافقهم فبها ونعمت، وإنْ لم يوافقهم؛ فالقول ما قالت حَذامِ.

فإنْ أَنكرتَ هذا؛ فهاتِ؛ أَبِنْ ليَ ما الَّذي اقتَضى هذه التّأوِيلاتِ المتعسفَةَ، وردّ أَحاديثَ التخصِيصِ الصَحِيحَةَ؟! مع تسليمهم أَن الخاصَّ مقدَّمٌ على العام، وأنّه يُبْنَى الْعامُّ على الخاص!

وهذا مُشْتَهِرٌ في الأُصولِ اشْتِهار النهار".

قال الفقير إلى عفو ربه: وسَبَب هذا -والله أَعلم-؛ هُو التقليد المَذْمومُ في الكِتاب والسُّنة، ودافِعُه الأَكْبَرُ هو تعظِيمُ الرِّجال؛ فمُجَرّد التَقليد لأَحدِ القائِلين بغير حجةٍ؛ لا يَسُوغُ في عَقْل ولا دِين.


(١) (١/ ١٠٩).
(٢) [النساءُ: ٧٨].
(٣) (١/ ١١١ - ١١٢).

<<  <   >  >>