للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهب الشَّافعي -رحمه الله- إلى عدم الوجوب.

والحقُّ الأَوَّلُ".

قال الفقير إلى عفو ربِّه: والّذي يَظهر لي -مع عدم وجود آثار عن الصّحابة فيما أعلم- ترجيح القولِ الثَّاني؛ لأَوجهٍ:

الأوّل: أَن أَمرَه - صلى الله عليه وسلم - لقيس بن عاصم للاستحباب، لا للوجوب، بدليل أَنه - صلى الله عليه وسلم - قَرَنَ السِّدر معَ الماء، وهو لا يجب بالاتفاق، ولا يقال: إنّ هذه دلالة اقتران، فلا تصرَّف عن الوجوب؛ لأَنّ دلالة الاقتران إنَّما تكون في أَمرين منفصلين؛ قد عُطف أَحدُهما على الآخر، وأَمّا في مسأَلتنا هذه؛ فلا يُتَصوّر أَن يغتسل بالسّدر وحده، بل لا بدّ من أَن يَخلطَه بالماء.

الثَّاني: أَمَّا حديث ثُمامَة الحنفيِّ؛ فاللفظ الثابت في "الصَّحيحين": "أَنّه ذهب بنفْسه واغتسل"، ثمّ أَشهر إسلامَه، وليس فيه: "أنّه أُمرَ بالغُسْل"، فزيادة أَمرِه بالغُسْل شاذّة.

الثالث: إنّ الّذين أَسلموا في عهده - صلى الله عليه وسلم - أَفواج، ولو أَنّ كلّ واحد منهم أُمر بأَنْ يغْتَسِل لَنُقِل إلَينا نقلًا بَيّنًا يرفع الخلاف.

فإنَّ قيل: فما الجواب على حديث: الْمُحرِمُ الّذي وَقَصَتْه راحلتُه، فأَمَره - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُغَسل بماء وسِدر، وقوله - صلى الله عليه وسلم - للاتي يَغْسِلنَ ابْنَتَه: "اغْسِلْنَها بماء وسدر

قيل: الجواب من وجهين:

أَمَّا الوجْه الأوَّل: أَن أَمرَه - صلى الله عليه وسلم - بِغُسل المَيّت؛ واجب بالإجماع.

وأَمَّا الوجه الثَّاني: فإنَّه لا يُعرف أَن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - -أَو واحدًا من الصّحابة- اغتسل بماء وسدر -لا في غُسل واجب، ولا مستحبّ-؛ فدلّ هذا على أَنّ أَمرَه قيسَ بنَ عاصم: "أَن يغْتَسل بماء وسدر" للنّظافة على وجه الاستحباب، والله أَعلم.

<<  <   >  >>