للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(تنبيه)

الفرق بين الاستعلاء والعلو.

أن الاستعلاء: هيئة للأمر، نحو رفعت الصوت، وإظهار الترفع، وغير ذلك مما سلكه أرباب الحماقات.

والعلو: هيئة الآمر، كالأب مع ابنه، والسلطان مع رعيته، والسيد مع عبده، وهذا يظهر لك أن الاستعلاء ليس معتبرصا لأن أوامر الله تعالى في مواطن كثيرة في غاية التلطف، وتذكر النعم كقوله تعالى: (اتقوا ربكم الذي خلقكم) [البقرة:٢١] وفي موضع آخر: (الذي جعل لكم الأرض فراشا) [البقرة:٢٢] إلى غير ذلك من زنواع تآلف القلوب والإحسان منه سبحانه وتعالى لعباده وأجمع الناس على أنها أوامر القلوب.

(تنبيه)

هذا الحدود إنما تجئ على القول بأن حقيقة الكلام، وأنواعه ليست بديهية، أما على القول بأنها بديهية، فلا يتصور التحديد، لأن الكسب فيما لا يقبل الكسب محال، وسنذكر بعد هذا أن حقيقته ضرورية، فتمتنع الحدود.

قوله: (الأمر هو اللفظ الدال على طلب الفعل).

يشكل عليه بما إذا قال: (عسى أن يأتيني زيد أو ليت فلانا يعطيني كذا)

فإنه لفظ دال على الطلب ولا يسمى أمرا، وكذلك قول القائل لغيره: أوجبت عليك كذا يبطل به هذا الحد، وحدّ القاضي المتقدم أول المسألة لأنه يقتضي الطاعة، وليس بأمر، لأنه خبر فينبغي أن نقول: يدل على طلب الفعل في الرتبة الأولى، أو طلبا أوليا.

<<  <  ج: ص:  >  >>