للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: هما شيئان يجوز انفكاك كل واحد منهما عن الآخر في الجملة؛ إلا أنهما في هذه الصورة الخاصة صارا متلازمين.

قلت: ففي هذه الصورة الخاصة المنهي عنه يكون من لوازم المأمور به، وما يكون من لوازم المامور به، يكون مأمورا به؛ فيلزم ان يصير المنهي عنه في هذه الصورة مامورا به؛ وذلك محال؛ فهذا برهان قاطع على فساد قولهم على سبيل الإجمال.

أما على سبيل التفصيل، فهو: أن الصلاة ماهية مركبة من أمور: أحد تلك الأمور: الحركات، والسكنات، وهما ماهيتان مشتركتان في قدر واحد من المفهوم، وهو شغالحيز؛ لأن الحركة: عبارة عن شغل الحيز بعد أن كان شاغلا لحيز آخر؛ والسكون: عبارة عن شغل حيز واحد أزمنة كثيرة، وهان المفهومان يشتركان في كون كل واحد منهما شغلا للحيز؛ فإذن: شغل الحيز جزء جزء ماهية الصلاة؛ فيكون جزاءا لها؛ لا محالة.

وشغل الحيز في هذه الصلاة منهي عنه؛ فإذن: أحد أجزاء ماهية هذه الصلاة منهي عنه؛ فيستحيل أن تكون هذه الصلاة مامورا بها؛ لأن الأمر بالمركب أمر بجميع أجزائه؛ فيكون ذلك الجزء مأمورا به، مع أنه كان منهيا عنه؛ فيلزم في الشيء الواحد أن يكون مأمورا به منهيا عنه؛ وهو محال.

أما قوله: " كونه صلاة وغصبا جهتان متباينتان يوجد كل واحد منهما عند عدم الآخر ":

قلنا: نعم، ولكنا بينا أن شغل الحيز جزء ماهية الصلاة، فكما أن مطلق الشغل جزء ماهية مطلق الصلاة، فذلك الشغل المعين يكون جزءا من ماهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>