للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرق أن مماسة بدن الإنسان للثوب ليست جزءا من ماهية الصلاة، ولا مقدمة لشيء من أجزائها، وإذا كان كذلك، كان آتيا بعين الصلاة المأمور بها؛ من غير خلل في ماهيتها اصلا.

أقصى ما في الباب: أنه أتى مع ذلك بفعل آخر محرم، ولكن لا يقدح في الخروج عن العهدة.

أما المعارضة الأولى: فجوابها: أن النهي دل على أن المنهي عنه مغاير للمأمور به، والنص دل على أن الخروج عن عهدة الأمر لا يحصل إلا بالإتيان بالمأمور به؛ فيحصل من مجموع هاتين المقدمتين أن الإتيان بالمنهي عنه لا يقضي الخروجعن العهدة.

وأما المعارضة الثانية: فنقول: لا نسلم أن النهي في الصور التي ذكرتموها تعلق بنفس ما تعلق به الأمر؛ بل بالمجاور، وحيث صح الدليل أن الفعل المأتي به غير الفعل المنهي عنه - فلا نسلم أنه لا يفيد الفساد، والله أعلم.

وأما المعاملات: فالمراد من قولنا: " هذا البيع فاسد ": أنه لا يفيد الملك، فنقول: لو دل النهي على عدم الملك، لدل عليه: إما بلفظه، أو بمعناه؛ ولا يدل عليه بلفظه؛ لأن لفظ النهي لا يدل إلا على الزجر.

ولا يدل عليه بمعناه أيضا؛ لأنه لا استبعاد في أن يقول الشارع: " نهيتك عن هذا البيع، ولكن إن أتيت به، حصل الملك " كالطلاق في زمان الحيض، والبيع وقت النداء.

وإذا ثبت أن النهي لا يدل على الفساد، لا بلفظه، ولا بمعناه، وجب ألا يدل عليه أصلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>