للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجد، فإذا لم يوجد إلا واحد، كان مطابقا للواقع مما حصل فيه العموم، لا لنفس ما حصل فيه العموم، وكما يخرج عن العهدة بقتل زيد وحده، إذا لم يوجد إلا هو من العموم، كذلك يحسن جوابنا: يريد وحده في عموم الاستفهام، إذا لم يوجد في الدار إلا هو؟ فهذا طريق الجمع بين كون الصيغة للعموم، وأفرادها غير متناهية، وكون زيد مطابقا في الجواب في الاستفهام أو الامتثال في الأمر؛ فتفطن لذلك.

(فائدة)

المستفهم عنه في قولنا: " من عندك؟ ": تصديق في نفسه بالضرورة؛ لأن (من) مبتدأ، و (عندك) الخبر، ولا يعني بالتصديق إلا ذلك، لكن التصديق له حالتان:

تارة يكون الإسناد بين جزئيه للناطق بلفظه، وتاره يكون للمتكلم به متصورا له؛ نحو قولنا: " قول زيد: (العالم قديم) خطأ " تصورنا تصديقه، وحكمنا عليه بالخطأ، مع أن الإسناد بين جزئيه ليس لنا.

إذا تقرر هذا، فالمستفهم تصور معنى (من)، وتصور معنى قوله: (من عندك؟) وفرض إسناد أحدهما للآخر، مع تجويز أن يكون مسندا إليه في نفس الأمر، وألا يكون مسندا إليه؛ فلما تصور هذا التصديق في نفسه، طلب منك أن تصور له من اتصف بالعندية، وهو يجوز أن يقول: لم يتصف بها أحد، او اتصف بها زيد أو عمرو، وهو جاهل بجملة هذه التقارير وثبت طلبه منك عليها، فمطلوبه إنما هو التصوير، ولم يسند أحد جزئي ما سأل عنه، للآخر، نفيا ولا إثباتا؛ فلذلك لم تحسن إجابته.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>