للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: لا نسلم أن الجلد أثقل؛ فإن النفوس الأبية تؤثر الحبس أبدًا على الجلد؛ لما فيه من المعرة، والعرف شاهد لذلك.

قوله: "حرم الله تعالى الخمر بعد إطلاقها".

قلنا: هذه مسألة خلاف، والذي يظهر لي أن الخمر لم تكن مباحة، بل مسكوت عن تحريمها ثم حرمت، ورفع المسكوت عنه ليس نسخًا، ويدل على ذلك ما حكاه الغزالي وغيره من العلماء أن القدر المسكر لم يبحه الله تعالى في ملة من الملل، بل أجمعت الشرائع على تحريمه، إنما الخلاف في القدر الذي لا يسكر، فعندنا حرام، وفي شريعة التوراة مباح على ما يقال، وما حرمه الله تعالى في جميع الملل لا يليق بهذه الشريعة التي هي أتم الشرائع في استيفاء المصالح، ودرء المفاسد إباحته فيها، بل إذا لم تتمكن الكلمة سكت عنه، كما سكت عن الدماء والأموال وغيرها في ابتداء الإسلام، ولم يقل احد: أنها كانت مباحة في اول الإسلام، بل كانت الشرائع تتجدد أولًا فأول، ولم يتقدم إباحتها بتجدد، فكذلك هاهنا. هذا هو مقتضى القواعد والمناسبة.

وأما ما اعتمدوا عليه في قوله تعالى: {تتخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا}] النحل: ٦٧ [، والسكر المسكر، وذكره في سياق الامتنان دليل الإباحة، وليس فيه دليل؛ لأن السكر اختلف في الأئمة، واصل السكر المنع، ومنه قوله تعالى: {سكرت أبصارنا}] الحجر: ١٥ [أي: منعت، ومنه: سكرة الباب: للضبة المانعة من الفتح، فقال جماعة من المفسرين: المراد بالسكر: الخل المانع من الأدواء الصفراوية وغيرها، والزبيب والتمر المانعان من الجوع، وعلى هذا سقط الاستدلال، فتعين اعتبارالقواعد السالمة عن المعارض.

قوله: "نسخ صوم يوم عاشوراء برمضان".

<<  <  ج: ص:  >  >>