للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الرابعة

قال الرازي: أما الشيعة فقد استدلوا على أن الإجماع حجة؛ بأن زمان التكليف لا يخلو عن الإمام المعصوم، ومتى كان كذلك، كان الإجماع حجةً.

بيان الأول يتوقف على إثبات أمرين:

الأول: أنه لابد من الإمام؛ والدليل عليه: أن الإمام لطف، وكل لطف واجب، فالإمام واجب، وإنما قلنا: إن الإمام لطف؛ لأنا نعلم أن الخلق، إذا كان لهم رئيس قاهر يمنعهم عن القبائح، ويحثهم على الواجبات، كان حالهم في الإتيان بالواجب، والاجتناب عن القبيح أتم من حالهم، إذا لم يكن لهم هذا الرئيس، والعلم بذلك بعد استقراء العادة ضروري.

وإنما قلنا: إن اللطف واجب؛ لوجهين:

الأول: أن اللطف كالتمكين؛ في كونه إزاحةً لعذر المكلف، فإذا كان التمكين واجبًا، فكذا اللطف، إنما قلنا: إن اللطف كالتمكين؛ لأنه يثبت في الشاهد أن أحدنا، إذا دعا غيره إلى طعام، وكان غرضه نفع ذلك الغير، وبقي على ذلك الغرض إلى وقت التناول ولم يبدله، وعلم أنه متى تواضع له، فغنه يتناول طعامه، ومتى لم يفعل ذلك، لم يتناوله، فإن تركه التواضع في هذه الحال، يجرى مجرى رد الباب عليه، والعلم به ضروري.

الثاني: أن المكلف، لو لم يجب عليه فعل اللطف، لم يقبح منه فعل المفسدة أيضًا؛ لأنه لا فرق في العقل بين فعل ما يختار المكلف عنده القبيح، وبين ترك ما يخل المكلف عنده بالواجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>