للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تريدونه من أن ظهور المفسدة عند عدمه أزيد مما وجدتموه عند خوفه وتستره - شيء ما جربتموه، والذي جربتموه وهو ظهور المفسدة عند ضعفه وخوفه، فأنتم لا تقولون به؛ فظهر فساد قولكم.

سلمنا إمكان هذه التجربة؛ لكنا نقول: تدعون اندفاع هذه المفاسد بوجود الرئيس - كيف كان - أو بوجود الرئيس القاهر؟

الأول ممنوع؛ فلابد من الدلالة، واستقراء العرف لا يشهد لهم ألبتة؛ لأن الخلق إنما ينزجرون من السلطان القاهر، فأما السلطان الضعيف، فلا، بل الشخص الذي لا يرى، ولا يعرف، ولا يظهر منه في الدنيا أثر، ولا خبر، فإنه لا يحصل بسببه انزجار عن القبائح، ولا رغبة في الطاعات؛ فلم قلتم: إن مثل هذا الإمام يكون لطفًا؟.

وإن أردتم الثاني، فهو مسلم؛ لكنكم لا توجبونه.

فالحاصل: أن الذي عرف بالاستقراء كونه لطفًا، أنتم لا توجبونه، والذي توجبونه، لا يعرف بالاستقراء كونه لطفًا.

فإن قلت: نحن الآن في إثبات وجوب أصل الإمام، فأما البحث عن كيفية، فذاك يتعلق بالفضل، ونحن الآن لا نتكلم فيه.

ثم السبب في تستره ظاهر، وهو أن الإمام، لو أزيل عنه الخوف، لظهر، ولزجر الناس عن القبائح، ورغبهم في الطاعات، فحيث أخافوه، كان الذنب من قبلهم.

قلت: إنكم ادعيتم وجوب نصب الإمام، كيف كان، سواء كان ظاهرًا، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>