للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعمل بما لم يظهر لهم، وليس مخالفته خطأ؛ لأن عدم العلم ليس من فعلهم، وخطأ المكلف من أوصاف فعله، ومنهم من أحاله؛ لأن اشتراكهم فيه سبيل لهم، فيجب على غيرهم اتباعه للآية، وأظن هذه المسألة التي ذكرها المصنف، وعبر عنها بقوله: (ويجوز اشتراك الأمة في عدم العلم فيما لم يكلفوا به)، فإن (سيف الدين) لم يذكر ما ذكره المصنف من تلك المسألة، بل لم يقل إلا هذه، والغالب أنها تلك، وعلى هذا يكون بين الفهرستين فرق كبير، مع أن القاضي عبد الوهاب المالكي في (الملخص) قال: (يجوز دخولهم عما لم يكلفوا به؛ لأنه ليس إجماعا على خطأ؛ لأن ما لم يكلفوا بمعرفته لا يلزمهم العلم به، كان عليه دليل في نفس الأمر، أو لم يكن عليه دليل؛ لأن العلم به غير واجب)، فصرح القاضي عبد الوهاب أن هذه القسم مما لم يجب تعلمه، وجميع ما ورد في الشريعة يجب تعلمه وتبليغه، من كل قرن لمن بعده، فعلى هذا تكونان مسألتين مختلفتين.

(مسألة)

قال إمام الحرمين في (البرهان): قال معظم الأصوليين: الورع معتبر في أصل الإجماع، وأن الفسقة إذا بلغوا مبلغ الاجتهاد فلا يعتبر وفاقهم ولا خلافهم؛ فإنهم بفسقهم خارجون عن الفتوى؛ ولأن الفاسق غير مصدق فيما يقول.

قال: وفيه نظر؛ لأن الفاسق المجتهد لا يلزمه أن يقلد غيره، بل يلزمه أن يتبع اجتهاده، وليس له أن يقلد، فكيف ينعقد الإجماع عليه في حقه، واجتهاده يخالف اجتهاد من سواه، وإذا استحال انعقاد الإجماع عليه في حقه، استحال تبعيض حكمه، حتى يقال: انعقد الإجماع من وجه، ولم ينعقد من وجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>