للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كونه صدقا؛ فالسامع لخبر التواتر، ما لم يتقرر عنده كل واحدة من هذه المقدمات، لم يحصل له العلم، فكان ذلك العلم استدلاليا.

الثاني: أن العلم الحاصل بالخبر المتواتر، لو كان ضروريا لكنا مضطرين إليه؛ بحيث لا يمكننا الانفكاك عنه؛ ولو كان كذلك، لعلمنا بالضرورة كوننا عالمين؛ على سبيل الاضطرار، بذلك، وكان ينبغي أن يعلم بالضرورة كل عاقل كون هذا العلم ضروريا، كما في سائر العلوم الضرورية؛ ولما لم يكن كذلك، علمنا أن هذا العلم ليس بضروري.

الثالث: ذكره الكعبي، وهو أنه لو جاز أن يعلم ما غاب عن الحس بالضرورة، لجاز أن يعلم المحسوس بالاستدلال، ولما بطل هذا، بطل الأول.

والجواب: قوله: (ذلك الاستدلال سهل يتأتى من كل أحد):

قلنا: سنبين، أن شاء الله تعالى، في فصل مفرد: أن ذلك الاستدلال غامض جدا،

وهو الجواب بعينه عن المعارضة الأولى.

وعن الثاني: أن كون العلم ضروريا كيفية للعلم، ويجوز أن يكون أصل الشيء معلوما، وتكون كيفيته مجهولة.

وعن الثالث: أنه لابد من الجامع.

المسألة الثالثة

(علم التواتر ضروري أو نظري)؟

قال القرافي: شبهة النظري أن الناس إذا كان في القضية أهوية، تطرق إليهم احتمال الكذب، فلابد أن يعلم سلامتهم عن الهوى، وذلك إنما يعلم بعد البحث؛ فيكون العلم به نظريا.

<<  <  ج: ص:  >  >>