للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينتم أنه لا طريق إلى تحصيل العلم بها البتة، وذلك إنما يصح لو ثبت أنه لم يوجد في كتاب الله تعالى، ولا في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على أحكام تلك الوقائع، ولم يوجد في الزمان إمام المعصوم يعرفنا تلك الأحكام؛ فإن بتقدير وجود أحد هذه الأمور، كان تحصيل اليقين بالحكم ممكنًا.

سلمنا أنه لا طريق إلى تحصيل العلم بها؛ لكن لم قلت: إنه لم يوجد ما يقتضي ظنًا هو أقوى من الظن الحاصل بالقياس؟ فإن بتقدير إمكان ذلك، كان التعويل على القياس اكتفاء بأضعف الظنين مع القدرة على تحصيل الأقوى؛ وإنه غير جائز.

ثم نقول: إن دل ما ذكرتموه على صحة القياس، فمعنا ما يدل على فساده، وهو الكتاب، والسنة، وإجماع الصحابة، وإجماع العترة، والمعقول:

أما الكتاب: فقوله تعالى: {لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات: ١] والقول بالقياس تقديم بين يدي الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وقوله تعالى: {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} [البقرة: ١٩٦، والأعراف: ٣٣] {ولا تقف ما ليس لك به علم} [الإسراء: ٣٦} والقول بالحكم في الفرع لأجل القياس قول بالمظنون، لا بالمعلوم.

وأيضًا: قال الله تعالى: {وأن أحكم بينهم بما أنزل الله} [المائدة: ٤٩] والحكم بالقياس حكم بغير ما أنزل الله تعالى.

وأيضًا: قال الله تعالى: {ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} [الأنعام: ٥٩] {وما فرطنا في الكتاب من شيء} [الأنعام: ٣٨] فهذه الآية دالة على اشتمال الكتاب على الأحكام الشرعية بأسرها، فإذن: كل ما لبس في الكتاب،

<<  <  ج: ص:  >  >>