للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن نكتفي بواحد منها: قال- رحمه الله-: قد ذكرنا أن حفظ النفوس بشرع القصاص من باب المناسب الضروري، ومما نعلم قطعًا: أنه من هذا الباب شرع القصاص في المثقل؛ فإنا كما نعلم أنه لولا شرع القصاص في الجملة، لوقع الهرج والمرج، فكذلك نعلم أنه لو ترك في المثقل، لوقع الهرج، ولأدى الأمر إلى أن كل من أراد قتل إنسان، فإنه يعدل عن المحدد إلى المثقل؛ دفعًا للقصاص عن نفسه؛ إذ ليس في المثقل زيادة مؤنة ليست في المحدد، بل كان المثقل أسهل من المحدد ... وعند هذا: قال- رحمه الله-: لا يجوز في كل شرع تراعى فيه مصالح الخلق- عدم وجوب القصاص بالمثقل.

قال- رحمه الله-: فأما إيجاب قطع الأيدي باليد الواحدة، فإنه يحتمل أن يكون من هذا الباب؛ لكنه لا يظهر كونه منه.

أما وجه الاحتمال: فلأنا لو لم نوجب قطع الأيدي باليد الواحدة، لتأدى الأمر إلى أن كل من أراد قطع يد إنسان، استعان بشريك؛ ليدفع القصاص عنه، فتبطل الحكمة المرعية بشرع القصاص.

وأما أنه لا يظهر كونه من هذا الباب: فلأنه يحتاج فيه إلى الاستعانة بالغير، وقد لا يساعده الغير عليه، فليس وجه الحاجة إلى شرع القصاص من هاهنا مثل وجه الحاجة إلى شرعه في المنفرد.

وأما المناسب الإقناعي: فهو: الذي يظن به في أول الأمر كونه مناسبًا؛ لكنه إذا بحث عنه حق البحث، يظهر أنه غير مناسب؛ مثاله: تعليل الشافعية تحريم بيع الخمر والميتة والعذرة بنجاستها، وقياس الكلب والسرجين عليه.

ووجه المناسبة: أن كونه نجسًا يناسب إذلاله، ومقابلته بالمال في البيع يناسب

<<  <  ج: ص:  >  >>