للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جزء العلة، وإن لم تحصل العلية عند عدم هذا الجزء، وحصلت عند حصوله، كانت العلية: إنما حدثت لأجل هذا الجزء، فجزء العلة علة تامة لعلية العلة، وقد عرفت أن العدم لا يكون علة؛ فوجب ألا يكون العدم جزءا من العلة؛ وهو المطلوب ..

الوجه الثاني: في أن الدوران يفيد ظن العلية، وهو: أن بعض الدورانات يفيد ظن العلية؛ فوجب أن يكون كل دوران كذلك مفيدا لهذا الظن.

بيان الأول: أن من دعي باسم، فغضب، ثم تكرر الغضب، مع تكرر الدعاء بذلك الاسم، حصل هناك أنه إنما غضب لأنه دعي بذلك الاسم، وذلك الظن: إنما حصل من ذلك الدوران؛ لأن الناس، إذا قيل لهم: لم اعتقدتم ذلك؟ قالوا: لأجل أنا رأينا الغضب مع الدعاء بذلك الاسم مرة بعد أخرى، فيعللون الظن بالدوران.

بيان الثاني: قوله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} [النحل: ٩٠].

والعدل هو: التسوية، ولن تحصل التسوية بين الدورانات إلا بعد اشتراكها في إفادة الظن.

واحتج المنكرون بأمرين:

الأول: أن بعض الدورانات لا يفيد ظن العلية؛ فوجب ألا يفيد شيء منها ظن العلية.

بيان الأول من وجوه:

أحدها: أن العلة والمعلول قد يكونان متلازمين نفيا وإثباتا، والدوران مشترك بين الجانبين، والعلة غير مشتركة بين الجانبين؛ لأن المعلول لا يكون علة لعلته.

<<  <  ج: ص:  >  >>