للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحكام، وهذه الثالثة لا يشترك منها اثنان في موجب واحد، فلا يقاس أحدهما على الآخر، فالخصم إن ادعى أن الحكم في الاصل عقلي منعناه، أو شرعي منعنا صحة القياس لتغاير البابين.

((سؤال))

إذا كنا نبحث في المسألتين على تقدير تسليم القاعدة في الحسن والقبح، فعلى تقدير تسليمها يكون كل ما هو ثابت بعد الشرع ثابت قبله بالعقل، وبعده بالعقل والسمع معا، كما هو مذهب المعتزلة، فالحكم حينئذ في الأصل كما هو شرعي هو عقلي، فكيف يستقيم أن نمنع أنه عقلي، بل هو عقلي جزما على هذا التقدير.

جوابه: أنا نسلم أنا معتزلة حقيقة، والباحث في هذا المقام معتزلي، فهو لا يستدل على من ينازعه إما تحقيقا أو تخيلا، كما أن كل أحد إذا ارد تحقيق الحق لنفسه في أي مسألة أراد، فإنه يورد على نفسه كل ما يمكن إيراده عليه من جهة أي خصم فرض، ويتولى هو ذلك من نفسه لنفسه، فيقول المعتزلي المحقق: أنا إذا فرضت نفسي باحثا في هذا المقام وقائسا على غيري، فلذلك الغير منع الحكم في الأصل.

فإن قلت: بل الإنسان يفرع على ما يثبت عنده من القواعد وإذا تخيل أن مانعا يمنعه أحال نمعه على الدليل الدال عنده على تلك القاعدة، فلا يتوجه المنع على تقدير تسليم القاعدة المذكورة أصلا.

قالت: قد تقدم أن المسلم في القاعدة إنما هو تمكن العقل من الحكم لا وقوع الحكم، فعلى هذا أمكن أن يكون الحكم في الأصل عقليا وغير عقلي، فأمكن المنع فتفطن لهذا الموضع ونظائره في هذه المسائل، فهي غوامض كما تقدم في قوله: إن الأحكام لا تثبت إلا بالشرع.

وقوله: "قد أبطلنا الدوران العقلي"غير متجه، لأنه إنما تقدم منه الوعد

<<  <  ج: ص:  >  >>