للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال: العاصي بسفره مسافر، فيترخص كغير العاصي في سفره؛ لأن السفر مشقة مناسبة للترخص، فينقضه السائل بالحمال، وأرباب الصنائع الشاقة في الحضر.

والأكثرون على أنه غير مبطل للعلة؛ لأن هذه حكمة غير منضبطة أقام الشرع مظنتها مقامها، فيمتنع التعليل بها دون ضابطها، فلا يرد النقض عليها؛ لأنها في نفسها ليست علة.

قال: فإن قيل: المقصود من شرع الأحكام إنما هو الحكمة دون ضابطها، فيحتمل أن تكون في صورة النقض مساويا لصورة التعليل أو زائدة، فيثبت الحكم في صورة النقض، أو أنقض، فلا يلزم الثبوت، غير أن وقوع تقديرين أغلب على الظن من وقوع تقدير واحد.

قلنا: الحكمة وإن كانت هي المقصودة من الأحكام، لكن على وجه تكون منضبطة، وغير المنضبط لا يعتبره الشارع؛ نفيا [للحرج] عن الخلق.

قال: فإن قيل: إذا فرض وجود الحكمة في صورة النقض قطعا، فما المختار فيه؟ قال: قلنا: ذلك مما يمتنع وقوعه، وبتقدير وقوعه، قال بعض أصحابنا: لا يلتفت إليه؛ لأن معرفتها في آحاد الصور حرج، فأسقط الشرع اعتبارها نظرا لجنسها، ويعتمد على الضوابط الكلية.

قال: ولقائل أن يقول: ذلك وإن كان حرجا، غير أن المقصود الأصلي هو الحكمة، فإذا لم يثبت حكمها، فحيث قطعنا بوجودها، ولم نقل بالتعليل بها لزم منه انتفاء الحكم مع وجود حكمته قطعا، وذلك ممتنع كما امتنع إثبات الحكم مع انتفاء حكمته قطعا فيما عدا الصورة النادرة، وكذلك لو لم نقل بإلغائها عند تخلف الحكم عنها مع تيقنها، يلزم إثبات الحكم بها مع الضابط مع كونها ملغاة قطعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>