للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ليست الماهية أمرا وراء مجموع تلك الأجزاء، فلم يكن عدم أحد تلك الأجزاء علة عدم شيء آخر.

وأما علية الماهية، فهي حكم زائد على ذات الماهية، وعدمها معلل بعدم كل واحد من أجزاء الماهية؛ فظهر الفرق.

وثانيها: أن كون الشيء علة لغيره صفة لذلك الشيء، سواء حصلت له تلك الصفة بذاته، أو بالجعل، فإذا كان الموصوف بالعلية أمرا مركبا فإما أن يقال: حصلت تلك الصفة بتمامها لكل واحد من تلك الأجزاء، وهو محال، أما أولا فلأنه يلزم كون الصفة الواحدة في المحال الكثيرة، وهو محال.

وأما ثانيا: فلأنه يلزم كون كل واحد من تلك الأجزاء علة تامة؛ لأنه لا معنى لكون الشيء علة إلا حصول العلية فيه، وإما أن يقال: "حصل في كل واحد من أجزاء العلة جزء من تلك العلية" وهذا أيضا محال؛ لأنه يقتضى انقسام الصفة العقلية؛ حتى يكون للعلية نصف، وثلث وربع؛ وهو محال.

وثالثها: أن كل واحد من تلك الأجزاء لم يكن علة، فعند انضمامها: إما أن يكون قد حدث أمر لم يكن، أو ما كان كذلك: فإن حدث أمر، فالمقتضى لحدوث ذلك الأمر: إما كل واحد من تلك الأجزاء، أو مجموعها:

فإن كان الأول: كان كل واحد من الأجزاء مستقلا باقتضاء العلية؛ فوجب كون كل واحد منها علة تامة؛ وذلك محال.

وإن كان الثاني: كان الكلام في اقتضاء ذلك المجموع لذلك الأمر الحادث، كالكلام في اقتضاء ذلك المجموع للعلية؛ فيلزم أن يكون بواسطة حدوث شيء آخر؛ ولزم التسلسل؛ وهو محال.

<<  <  ج: ص:  >  >>