للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيها: أن إيماء الدلالة اليقينية راجح على إيماء الدلالة الظنية، لما عرفت: أن الدليل الذي بعض مقدماته بقيني، والبعض ظني - راجح على ما يكون كل مقدماته ظنيًا، وأما إذا ثبتت عليه الوصفين بإيماء خبر الواحد، فوجوه الترجيح فيه ما ذكرناه في باب (خبر الواحد".

وثالثها: أن الجمهور اتفقوا على أن ما ظهرت عليته بالإيماء - راجح على ما ظهرت عليته بالوجوه العقلية؛ من المناسبة، والدوران، والسير.

وهذا فيه نظر؛ وذلك لأن الإماء لما لم يوجد فيه لفظ يدل على العلية، فلابد وأن يكون الدال على عليته أمرًا آخر سوى اللفظ، ولما بحثنا، لم نجد شيئًا يدل على عليتها إلا أحد أمور ثلاثة: المناسبة، والدوران، والسير؛ على ما مر ذلك في (باب الإيماءات"، وإذا ثبت أن الإيماءات لا تدل إلا بواسطة أحد هذه الطرق الثلاثة - كان الأصل لا محالة أقوى من الفرع، فكان كل واحدٍ من هذه الثلاثة أقوى من الإيماءات.

ورابعها: أنا قد ذكرنا أن أقسام الإيماءات خمسة، وكل واحد من تلك الأقسام يندرج تحته أقسام كثيرة، واستيفاء القول في هذا يقتضي أن نتكلم في تفاصيل كل واحد من أقسام تلك الأقسام، مع ما يشاركه في جنسه، ومع ما هو خارج من جنسه؛ لأنه لا يبعد أن يكون أحد الجنسين أقوى من الجنس الآخر، ويكون بعض أنواع الضعيف أقوى من بعض أنواع القوى؛ لكنا تركنا هذا؛ لطولها وكثرتها.

أما الطرق العقلية، فقد ذكرنا منها ستة؛ وهي: المناسب، والمؤثر، والشبه، والدوران، والطرد، والسير، فلنتكلم في تفاصيل هذه الأجناس، ثم في تفاصيل أنواع كل واحدٍ من هذه الأجناس، أما تفاصيل هذه الأجناس: ففيها أبحاث.

<<  <  ج: ص:  >  >>