للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمنا أنهم كلفوا بالعلم في هذه الأصول؛ فلم قلت: إن المخطئ فيه معاقب؛ ودعوى الإجماع فيه غير جائزةٍ؛ لأنها دعوى لإجماعٍ في محل الخلاف؟!.

وعن الثاني: أنه عليه الصلاة والسلام - كان يقبلهم؛ لجهلهم بالحق، أو لإصرارهم على ترك التعلم، وطلب المعرفة؟.

الأول ممنوع، والثاني مسلم؛ فلعله - عليه الصلاة والسلام - لما بالغ في إرشادهم إلى الحق، ثم إنهم لم يلتفتوا إلى بيانه، واشتغلوا باللهو والطرب، وأصروا على ترك الطلب - قتلهم، وأما من بالغ في الطلب والبحث، ولكن عجز عن الوصول؛ فلم قلت: إنه - عليه الصلاة والسلام - قتل مثل هذا الإنسان؟!.

سلمنا أنه قتله؛ لكن لم قلت: إنه لابد وأن يكون معاقبًا؟.

وعن الثالث: أنه ذم الكافر، والكفر في أصل اللغة هو: الستر، ومعنى الستر لا يتحقق إلا في حق المعاند الذي عرف الدليل، ثم أنكره، أو في حق المقلد المصر الذي يعرف من نفسه أنه لا يعرف الدليل على صحة الشيء، ثم إنه يقول به.

فأما العاجز المتوقف الذي بالغ في الطلب، فلم يصل، فهذا لا يكون ساترًا لشيء ظهر عنده؛ فلا يكون كافرًا.

ثم احتجوا على صحة قولهم: بأنه - تعالى - رحيم كريم، واستقراء أحكام الشرع يدل على أن الغالب على الشرع هو التخفيف والمسامحة؛ حتى إنه لو احتاج إلى أدني تعب في نفسه، أو في ماله في طلب الماء - سقط عنه فرض الوضوء، وأبيح له التيمم، فهذا الكريم الرحيم؛ كيف يليق بكرمه ورحمته، وعظم فضله أن يعاقب من أفنى طول عمره في الفكر والبحث والطلب؟!.

<<  <  ج: ص:  >  >>