للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الأثر: فهو أن أبا بكر - رضي الله عنه - (شبه العهد بالعقد) وأن عمر - رضي الله عنه-: أمر أبا موسى بالقياس؛ في قوله: (قس الأمور برأيك) وإذا ثبت أنهما فعلا ذلك، وجب علينا مثله؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام-: (اقتدوا باللذين من بعدي؛ أبي بكرٍ وعمر).

وأما المعقول: فهو: أن نعين محل الوفاق؛ فنقول: الحكم هناك إنما ثبت؛ لحاجته ومصلحته، وذلك المعني قائم هاهنا؛ فورود الشرع بالحكم هناك، يكون ورودًا به هاهنا.

وثالثها: أجمعنا على أن حكمًا ما في علم الله تعالى ثبت، ولا شك أن ذلك الحكم إنما ثبت لمصلحةٍ، وهذا الحكم بتقدير الثبوت محصل لنوع مصحلةٍ؛ فلابد وأن يشتركا في قدرٍ مشتركٍ؛ فيعلل بالقدر المشترك؛ وذلك يقتضي ثبوت الحكم.

ورابعها: أن هذا الحكم بتقدير الثبوت يتضمن تحصيل مصلحة المكلف، ودفع حاجته؛ فوجب أن يكون مشروعًا؛ لأن جهة كونه مصلحة جهة الدعاء إلى الشرعية، فلو خرجت عن الدعاء إلى الشرعية، لكان ذلك الخروج لمعارض؛ والأصل عدم المعارض.

وخامسها: أن أحد المجتهدين قال بثبوت الحكم، والآخر قال بعدمه: فالثبوت أولى؛ لأن المسلمين أجمعوا على أنه إذا ورد خبران؛ أحدهما ناقل عن حكم العقل، والآخر مبقٍ له؛ فإن الناقل أولى؛ فكذا هاهنا.

فإن قلت: (فالنفى بتقدير وروده بعد الثبوت يكون ناقلاً أيضًا):

<<  <  ج: ص:  >  >>