للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: على قوله إذا وضع الألفاظ المفردة لتلك المعاني المفردة، ودلالة الحركات على النسب المخصوصة علمنا نسبة تلك المعاني بعضها البعض عند سماعاها.

قلنا: فإنه لا معنى لوضع الألفاظ المركبة للمعاني المركبة إلا ذلك، فإنا إذا قلنا: ضرب زيد عمرا، فإن الرفع والنصب في هذا الكلام على هذا النسق دال على أن زيدا فاعل بضرب، وأن عمرا مفعوله، ولا نعني بالوضع إلا هذا القدر، ومن االمحال أن تدل الحركات على النسب بغير وضع، فظهر أن الدوران كان حقا، فإنه يلزم في المركبات، ولا محيص عن الدور فيهما إلا بما تقدم من التقرير في انتقاء هذا الدور.

((تنبيه))

زاد التبريزي فقال: أما وقوع المخبر عنه فمن شيء آخر يحصل، فإن الخبر من حيث هو خبر يستوي فيه الصدق والكذب.

قلت: وهذا ممنوع بل اللفظ يدل على وقوع المخبر عنه، فقولنا: قام زيد، يدل على صدور القيام عنه في الزمان الماضي، ولم تضع العرب هذا اللفظ إلا لهذا المعنى، ولم تضعه للوقوع، وعدم الوقوع على السواء بل للوقوع للإخبار به عن غرض، وهو الوقوع إذا كان واقعا، فأخبر به عن الوقوع، وليس واقعا، فخالف الوضع من هاهنا جاء الكذب، كما أن الشرع لم يضع العقوبة إلا لتوضع في الجناة، فمن وضعها في غيرها فقد خالف الشرع، ولا يقدح ذلك في كون الشرع إنما وضعها للجناة فقط، كذلك العرب لم تضع إلا للإخبار عن المعنى إذا كان واقعا، ولذلك تقول النجاة:

قام زيد يدل على حصول المصدر في الزمن الماضي، وزيد قائم يدل على إيجاب القيام له، وجميع الأخبار هي كذلك لم توضع إلا للصدق، كما أن

<<  <  ج: ص:  >  >>