للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتأثير التأثير مخالف لتأثير الجوهر، فجاز أن يكون أحدهما زائدا، والآخر ليس بزائد كما تقول: معلوم كل علم غيره إلا العلم، فإنه نفس العلم به لمخالفته لسائر الحقائق، ومخبر كل خبر غيره، إلا الخبر، فإن الخبر عن الخبر هو نفس الخبر

لمخالفته لسائر الحقائق، فكذلك هاهنا.

سلمنا احتياجه لتأثير آخر، لكن لم قلتم: إن التسلسل محال في النسب والإضافات، إنما هو محال في الموجودات الحقيقية؟

السادس: على قوله: (الخلق نفس المخلوق)، قلنا: كذلك قال الشيخ أبو الحسن الأشعري، وألزم عليه أن يعرب (السماوات والأرض) مصدرا؛ لأن الخلق مصدر اتفاقا، وهو نفس المخلوق مصدرا، والسماوات والأرض مخلوقة، فيكون مصدرا، وهذا غلط، وعدم فهم لكلامه، بل مراده بأن الخلق نفس المخلوق أنه ليس زائدا عليه في الخارج، بل أمر يعتبره العقل، كما قاله في الوجود أنه نفس الموجود لا أنه هو، بل ليس زائدا عليه في الخارج، وفي الذهن هو اعتبار مغاير، وهو مصدر باعتبار ما في الذهن، ومن ذلك الاعتبار الذهني حصل الاشتقاق، كما سمى تعالى واجب الوجود، وأزليا وأبديا، مع أن الوجود، والأزلية، والأبدية نسب ترجع إلى تعذر العدم على الذات، فهو نسبة بين الذات، والعدم، والأزل والأولية، والأبدية مغايرة الوجود لجميع الأزمنة المستقبلة، والمقارنة نسبة.

فإن قلت: إذا حصل الاشتقاق لما في الذهن لله-تعالى- فقد اشتق لغير المحل، ولم يشتق للمحل، وأنت لا تقول به.

قلت: النسب الذهنية كلها يشتق منها باعتبار وجود ملزوم صحة الحكم بها، كما تقدم تقريره في تفسير مطابقة [النسب] في حكم الذهن بأمر على أمر، وأن مطابقتها مخالفة لسائر المطابقات، والاشتقاق في الحقيقة إنما هو من

<<  <  ج: ص:  >  >>