للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اختلفوا؛ فمنهم من منع منه؛ لأمر يرجع إلى القصد، ومنهم من منع منه؛ لأمر يرجع إلى الوضع، وهو المختار.

وقبل الخوض في الدليل لابد من مقدمة وهي: أنه ليس يلزم من كون اللفظ موضوعا لمعنيين على البدل أن يكون موضوعا لهما جميعا؛ وذلك لأنا نعلم بالضرورة المغايرة بين المجموع، وبين كل واحد من أفراده، ولا يلزم أن يكون المجموع مساويا لكل واحد من أفراده في جميع الأحكام، فلا يلزم من كون كل واحد من الشيئين مسمى باسم، كون مجموعهما مسمى به.

إذا ثبتت هذه المقدمة فالدليل على ما قلنا: أن الواضع إذا وضع لفظا لمفهومين على الانفراد، فإما أن يكون قد وضعه مع ذلك لمجموعهما، أو ما وضعه لهما:

فإن قلنا: إنه ما وضعه للمجموع، فاستعماله لإفادة المجموع استعمال اللفظ في غير ما وضع له؛ وإنه غير جائز.

وإن قلنا: إنه وضعه للمجموع، فلا يخلو إما أن يستعمل لإفادة المجموع وحده أو لإفادته مع إفادة الأفراد.

فإن كان الأول: لم يكن اللفظ إلا لأحد مفهوماته، لأن الواضع إن كان وضعه بإزاء أمور ثلاثة على البدل، وأحدهما ذلك المجموع فاستعمال اللفظ فيه وحده لا يكون استعمالا للفظ في كل واحد من مفهوماته.

فإن قلت: إنه يستعمل في إفادة المجموع والأفراد على الجمع، فهو محال؛ لأن إفادته للمجموع معناه: أن الاكتفاء لا يحصل إلا بهما، وإفادته للمفرد

<<  <  ج: ص:  >  >>