للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومبالغة في الوصف، فنقول: فلان أسد، أي: كالأسد، كما قال الشاعر] الطويل [:

فعيناك عيناها، وجيدك جيدها ... ولكن عظم الساق منك دقيق

ثم الدليل عليه أنا بينا أن العرف الشرعي مجاز عن العرف اللغوي، وتقرير الإذن اللغوي في أعيان المعاني الشرعية محال.

قلت: (قوله: قولنا: شجاع أبلغ من قولنا: فلان الذي فيه الشجاعة) ليس كذلك بل الأمر بالعكس؛ لأن اسم الفاعل الذي هو شجاع، لا يدل إلا على أصل المعنى، وأما الشجاعة كما قال بالألف واللام فهي للعموم، أو للكمال، وأيهما كان فهو أبلغ من أصل المعنى، ولو كانت الشجاعة نكرة أيضا؛ لأن النكرة من المصدر تدل على أصل المعنى، واسم الفاعل يدل على أصل المعنى تضمنا؛ لأنه يدل على الذات الموصوفة بالمعنى، فالمعنى جزء مسماه، والدلالة بالمطابقة أبلغ من دلالة التضمن؛ لأنها مقصودة بالذات، والتضمن مقصود بالعرض.

وقوله: نحن نشبه الوجه بالقمر دون الساق صحيح؛ لأن العرب تقصد في التشبيه معنى خاصا بذلك المشبه به، فالوجه أخص بالقمر من حيث الاستدارة، والوضاءة، والأنس، والجمال، وميل النفوس إليه، وهذا المجموع لم يحصل للساق، فكل شيء يقصد فيه أخص الأشياء به شبهاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>