للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأقسام التى لم تدخل في حره غير داخل في حده، فيكون حده غير جامع، فيكون باطلا.

الثامن: على قوله: ((إن كان الموجب تصور طرفي القضية فهو البديهيات)).

فإن هذا التفسير يخص البديهي الذي هو تصديق، والبديهي هو الذي يبديه العقل ويهجم عليه بغير كسب، وهذا قد يكون تصورا غنيا عن الحد، فكان المتعين أن يقول: البديهي هو الغنى عن الكسب، فيشمل التصديقات والتصورات، فإن الكسب تارة يكون بالبراهين في التصديقات، وتارة بالحدود في التصورات، فلا كسب تصديق إلا ببرهان، ولا تصور إلا بحد، أو ما في معناه من الرسم، وتبديل اللفظ باللفظ، فيكون حده حيئنذ للبديهي غير جامع، فيكون باطلا.

التاسع: على هذا المقام أيضا أنَّ أجلى البديهيات قولنا: النفي والإثبات لا يجتمعان، والثبوت والنفي اختلف العقلاء هل بينهما واسطة أم لا؟

فأرباب الاحوال وغيرهم أثبتوا الوسائط مع أنهم عقلاء، فعلمنا حينئذ العقل لابد معه من مرشد آخر، وهو زائد على قولنا: تصور طفي القضية وكذلك قولنا: الواحد نصف الاثنين لا يكفي تصور طرفي القضية وهما الواحد ونصف الاثنين حتى يحصل عند العقل بعد الخلوص من غمرات الطفولية والصغر دربة بماهية العدد، وتصور لحقيقته وكثير من معالمه ولوازمه وخصائصه، فحينئذ ثم آخر وراء تصوره طرفي القضية، ولذلك إن العقلاء لا يعنون بالبديهيات ما هو لازم لحقيقة العقل جزما، بل هو غالب عليه بعد الخلوص من غمرات الصغر، ولا يكاد يرعى عنه أحد بعد ذلك، اما أنه بمجرد تحقق العقل في الصبى في أول دفعة يكون عالما بأن الواحد نصف الاثنين من غير مباشرة ولا مخالطة ولا معاناة شئ من المقدمات العقلية

<<  <  ج: ص:  >  >>